عبد معروف
أثار قرار الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الغربية، وقف مساهمتها وتمويلها لوكالة “الأونروا” مخاوف وقلق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وحذرت مرجعيات ومنظمات حقوقية من تداعيات القرار الأمريكي- الغربي على الأوضاع الإنسانية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين.
وكانت كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، وإيطاليا، وفنلندا، وإلمانيا، والنمسا، واليابان أعلنت وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وتُقدّر مساهمات هذه الدول بنحو 1.2 مليار دولار أي ما نسبته 75 في المئة من إجمالي النّفقات.
ونظرًا للدور الكبير الذي تقوم به وكالة “الأونروا” في المخيمات الفلسطينية في لبنان وفي مناطق عملياتها الخمس بما فيها مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنّ عمل “الأونروا” سوف يتأثّر بشكل كبير في لبنان كما في دول أخرى بما فيها المخيمات في فلسطين المحتلّة.
وحذرت مرجعيات حقوقية ومنظمات أهلية في لبنان من تداعيات قرار وقف مساهمتها في موازنة الوكالة الأممية على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وسارعت إلى البحث في هذه التداعيات، بعد انهيار الأوضاع المالية والاقتصادية وتفاقم حالات غلاء الأسعار والبطالة في صفوف الفلسطينيين في لبنان، حيث قدرت مؤسسة “الدولية للمعلومات” في بيروت، نسبة المبالغ التي ستحجبها الدول الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية حوالي 75 في المئة من تمويلها عالميا، وتساءلت المؤسسة إذا كان الانفاق السنوي لوكالة “الأونروا” في لبنان 260 مليون دولار، ماذا بعد حجب 75 في المئة من تمويلها؟
واستعرضت “الدولية للمعلومات” في تقرير لها، تاريخ تأسيس “الأونروا” عقب الحرب العربية-الإسرائيلية في العام 1948 وما رافقها من طرد لمئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 302 في 8 كانون الأول/ديسمبر 1949 بإنشاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا” والتي باشرت عملها في أيّار 1950.
وأشارت إلى أن “الأونروا” تهتمّ بتوفير الطبابة، التعليم، الخدمات الاجتماعية، وإنشاء البنى التحتية في المخيمات الفلسطينية الـ 58 في الضفة الغربية، غزة، سورية، الأردن ولبنان.
موازنتها السنويّة
وتصل موازنة “الأونروا” السنويّة إلى نحو 1.6 مليار دولار، منها نفقات كلفة تشغيلية عادية والبالغة 820 مليون دولار، وبرامج وأشغال طارئة بكلفة 780 مليون دولار.
وقدرت عدد العاملين لدى “الأونروا” بـ 30 ألف موظف، وتتولّى الوكالة إدارة وتشغيل 702 مدرسة و140 مركزًا صحيًا ومستشفى.
ويبلغ عدد الفلسطينيين المسجّلين لدى “الأونروا” في لبنان 489.293 فلسطيني، بينما العدد الفعلي هو أقلّ من ذلك ويقدّر بنحو 300 ألف، بينما بلغ العدد وفقًا للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني 175 ألفًا في العام 2017 بعد مسح أجرته إدارتا الإحصاء المركزي اللبناني والفلسطيني. وتهتمّ “الأونروا” بـ200 ألف فلسطيني موزّعين في المخيمات الفلسطينية الـ12 رسميا في لبنان، كما يلي:
– عين الحلوة: 50.000
– الميّة وميّة: 4.500
– الرشيديّة: 27.500
– البصّ: 9.500
– البرج الشمالي: 19.500
– برج البراجنة: 16.000
– صبرا وشاتيلا: 8.500
– مار إلياس (بيروت): 600
– البارد: 27.000
– البدّاوي: 16.500
– ويفل (بعلبك): 8.000
– ضبيّة: 4.591
ويصل إنفاق “الأونروا” في لبنان إلى نحو 260 مليون دولار سنويًا، منه 12 مليون دولار على الصحّة، إذ تدير 27 مركزاً صحياً يعمل بها 421 موظفاً، و40 مليونًا على التعليم إذ تدير الأونروا 64 مدرسة تضم 38.205 طالب (منهم 1707 طلاب لبنانيين)، ويعمل في هذه المدارس 1.656 أستاذًا. كما تتولّى “الأونروا” دفع إيجار العقارات والأراضي التي تشغلها المخيمات الفلسطينية، وتهتمّ بخدمات البنى التحتية في المخيمات.
عقاب جماعي للاجئين الفلسطينيين
بدروها، رأت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد” أن قرار الولايات المتحدة والدول الغربية وقف تمويل “الأونروا” هو عقاب جماعي للاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، واعتبرت أن تعليق العديد من الدول تمويلها لـ”الأونروا” يمثل انتهاكاً لالتزاماتها المتعلقة باتفاقية منع “الإبادة الجماعية”.
ورأت المؤسسة في بيان أن هذه التدابير الفورية تؤثر بشكل كارثي على ما يقارب 6 مليون لاجئ فلسطيني في مناطق عملها الخمس.
وأشارت المؤسسة الحقوقية الفلسطينية إلى أن “الأونروا” هي الوكالة الإنسانية الرئيسية في قطاع غزة، التي تقدم المساعدة الإنسانية وتساهم في حماية اللاجئين من خلال تقديم الخدمات الأساسية، ولدى “الأونروا” تفويض إنساني وتنموي بتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين ريثما يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
وأكدت “شاهد” أن تجميد التمويل لوكالة “الأونروا” هو ممارسة عملية في تقويض دور الوكالة في المهام الموكلة إليها في إغاثة الشعب الفلسطيني الذي ما يزال يعاني منذ عام 1948 حتى يومنا هذا، وأمام هذا الإجراء وطالبت:
-الدعوة لعقد اجتماع عاجل للجنة الاستشارية لوكالة “الأونروا” ووضعها في أعقاب التحديات التي تواجه عمل الوكالة في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة والنتائج والإجراءات حول ادعاءات الاحتلال المضللة.
-دعوة الدول المعنية إلى التراجع عن قراراتها بتعليق مساهمتها المالية، خاصة وأن بعضها أعضاء في اللجنة الاستشارية ومطلعون على أدق تفاصيل عمل وكالة “الأونروا”.
-ضرورة توفير الحماية القانونية والأمنية للمنشآت والممتلكات التابعة للمنظمات الدولية لهذه المنظمات.
-دعوة “الأونروا” للمطالبة بفتح تحقيق في الجرائم التي ارتكبت في منشآتها من خلال استهداف الاحتلال وقتل المئات من المدنيين وموظفي الوكالة والمطالبة بالتعويضات.
– دعوة وكالة “الأونروا” إلى إعلان حال طوارئ عاجلة، وعقد مؤتمر دولي يوضح الاعتداءات الإسرائيلية على منشآتها وقتل العشرات من المدنيين في مراكزها التي تتمتع بحماية دولية خاصة.
جرائم ضد الإنسانية
من جهتها، أعلنت “الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين” أنها تتابع وبقلق كبير إعلان دول غربية تعليق المساعدات المالية لوكالة “الأونروا” نتيجة مزاعم وادعاءات نقلها الاحتلال لمفوض عام “الأونروا” فيليب لازاريني
ورأت الهيئة في بيان أنه بدون التمويل الكافي لن تستطيع الوكالة تقديم خدماتها على المستوى الصحي والتربوي والإغاثي والبنى التحتية في المخيمات الفلسطينية.
واعتبرت “الهيئة 302″ أن القرارات التي اتخذتها الدول جريمة بحق الإنسانية وعقاب جماعي وشراكة في الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وفضيحة لتلك الدول.
ووصفت منظمات المجتمع المدني في لبنان تعليق دول مانحة لمساهماتها المالية لـ”الأونروا” بالانتهاك الصارخ لقرار محكمة العدل الدولية، وقالت: إن هذه التعليق “يرتقي إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وأكدت المنظمات في بيانٍ لها، على ضرورة التصدي لهذه الهجمة الممتدة على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها وفقاً للقرار (194) عبر استهداف “الأونروا” والإصرار على تفكيكها من خلال تقليص خدماتها والبحث عن بدائل لها.
وعدت قرار تعليق المساعدات للوكالة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، انتهاكاً صريحاً وفاضحاً، ولا أخلاقياً لقرار محكمة العدل الدولية، ويأتي تزامناً مع المحاولات الإسرائيلية لتصفية قضية اللاجئين واستمرار حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة.
وقالت المنظمات في بيانها، إن قرار تعليق المساهمات المالية للوكالة يتساوق مع المخططات والنوايا الإسرائيلية المعلنة لاستئصال وكالة “الأونروا” مضيفة: أن تداعيات كارثية ستنتج عن هذا الأمر بالتزامن مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والخطر الحقيقي المحدق باللاجئين الفلسطيين عموماً وخاصةً في لبنان.
كما حذر نشطاء فلسطينيون سوريون في لبنان من قرار وقف بعض الدول مساهمتها لوكالة “الأونروا” ومن مغبة انقطاع المعونات الإغاثية والإنسانية التي تشكل عصب المعيشة لأكثر من 27 ألف نازح فلسطيني من سوريا في لبنان، والذين تصنفهم الوكالة بالأكثر حاجة للمعونات المالية، والتي تغطي جزءاً من إيجارات المنازل والاحتياجات الأساسية، وسط نسب فقر تفوق 95 في المئة.
من جهته، عبّر مسؤول رابطة الفلسطينيين المهجرين من سوريا طالب حسن، عن مخاوفه وأشار إلى أنّ وكالة “الأونروا” أكدت أنها لا تملك رؤية واضحة لتمويلها بعد شهر آذار/مارس المقبل “لكننا نجري اتصالات مع المكتب الأممي لتنسيق الجهود الإنسانية (OCHA) لتنبيههم حول احتياجات فلسطينيي سوريا في لبنان، بغرض اكتشاف مصادر تمويل بديلة ما لم يتضح وضع تمويل الوكالة”.
وتجدر الإشارة إلى أن وكالة “الأونروا” تصرف كل شهرين للعائلات الفلسطينية المهجّرة من سوريا إلى لبنان، مبلغ 100 دولار لكل عائلة كبدل إيجار، إضافة إلى 50 دولاراً للفرد الواحد كبدل طعام، في ظل ازدياد الحاجة للمعونات المالية والغذائية، جراء ارتفاع نسب الفقر، وانعكاس الأزمة الاقتصادية اللبنانية على أوضاع اللاجئين منذ العام 2019.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق