بعد تجاوز الكيان المؤقت الخطوط الحمراء في صيغة الاشتباك الحاصل مع جبهات الإسناد والمساندة للمقاومة في غزة، ومحاولته رسم إيقاع ردعي جديد على مستوى المنطقة من خلال اعتداءاته المتكررة، وكان الاعتداء الأخير على دمشق واستهدافه القنصلية الإيرانية، واهما بغياب الرد ومتجاوزا معايير فرضت عليه بحكم واقع الاشتباك من جهة والتراكم الاستراتيجي لدول وقوى محور المقاومة من جهة ثانية، لتتصاعد التأكيدات على قطعية الرد بعد الاعتداء بشكل تصاعدي على لسان قيادات مختلفة داخل القيادة الإيرانية وعلي رأسهم السيد القائد المرشد الأعلى، ليدخل الكيان الصهيوني في مرحلة جديدة من الرعب وخاصة بعد إدراكه تمنع أمريكي واضح للانجرار نحو حرب إقليمية واسعة ومتعددة الجبهات ضمن مسرح عمليات يربط أربعة بحار وتعرض المصالح الأمريكية لخطر كبير، وهنا كانت مفاعيل الحرب النفسية تزداد على الكيان وتزداد معها التعقيدات التي تواجهها حكومة العدو، اكتشف العدو الإسرائيلي والأمريكي وحلفاؤهم ظاهرة سياسية وأمنية وعسكرية جديدة خارجة عن المألوف، والتي كرست مفهوم ضبط النفس لعدة أيام وإعطاء الفرصة للعالم أجمع ولمجلس الأمن لإدانة العدوان على القنصلية في دمشق ومعالجة الموضوع دبلوماسيا لكن إصرار دول الاستكبار العالمي في دعم الكيان أنساهم، القانون الدولي والمادة (51) ومضمونها حق الدفاع عن النفس وتعرية الغرب المنافق، كما استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خوض الحرب النفسية مدمرة على الكيان قبل وأثناء وبعد الضربة من خلال إبقاء الكيان بكل مكوناته ومن معه متأهبا وعاجزا ومتوسلا العون من أربابه طوال الفترة الماضية وتركه رهينة الاحتمالات والتقديرات أثناء العملية وعطل الكيان بكامله وشل الحركة فيه من شماله إلى جنوبه وزج قادته في الملاجئ حتى بقي الكيان ومن معه
رهينة القرار الإيراني، إن مفاعيل الرد الإيراني هو خروج عن المألوف، وكسر لقواعد اشتباك استمرت 45 عاما، وهي سابقة على صعيد الزخم والشكل والنوع والأهداف وحتى صورة الردع الحديدي الإسرائيلي انكسرت، والمشهد بات مذلا للكيان وحلفائه، لقد استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال حكمة قيادتها وبصيرة مرشدها من إظهار قدراتها العسكرية والاستخبارية والدبلوماسية من خلال وصول الطائرات والصواريخ إلى الأراضي المحتلة وسقوط عدد منها داخل أراضي الكيان رغم الاستنفار العسكري والاستخباراتي والجاهزية العالية لمنظومات الدفاع الجوي لدول متعددة تعد من أقوى دول العالم في مجال التفوق العسكري (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وعدد من الدول العربية...) رغم علمها ورصدها من لحظة إطلاقها والإعلان عن بدء الهجوم والساعات الطويلة لوصول الصواريخ والمسافة الطويلة المساعدة في إمكانية اعتراضها على مساحة شاسعة، لقد خرجت إيران عن المألوف بردها المتزامن والمترابط والمركب بشكل معقد ليضع العالم والمنطقة في مرحلة جديدة ضمن تعدد الأقطاب وتعدد المصالح، وكشفت عن القدرة والاقتدار والتكامل لدول وقوى محور المقاومة، إن المحصلة من الرد كان لبعده الاستراتيجي وخصوبة القدرة التكتيكية بروحية قتالية غير مألوفة واحتراف منقطع النظير، فسقط المفهوم الردعي للكيان وسقطت معه السطوة الأمريكية وهي محاولة لرسم مفاعيل سياسية جديدة على خريطة القرن السياسي الجديد...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق