النشرة
حذرت مصادر فلسطينية عبر "النشرة"، من خطورة الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، ووصفته بأنه قابل للانفجار في أي لحظة، وذلك على خلفية اغتيال أحد عناصر قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" ياسين عقل، من قبل أحد الناشطين الإسلاميين محمد حمد، على خلفية الاشتباكات المسلحة السابقة.
وعملية اغتيال ياسين ليست الأولى في المخيم هذا العام، إذ سبق وقتل العنصر في حركة "فتح" الفلسطيني عبد الباسط سرحان، في أحد أزقة سوق الخضار، على يد شخصين من عائلة عوض يوم الجمعة في 26 نيسان 2024 وفق ما وثقت كاميرا مراقبة موجودة في المكان، وجرت اتصالات لتطويق ذيول الجريمة وتسليم مطلقي النار إلى الدولة اللبنانية، ولكن ذلك لم يحدث.
كما أن عملية الاغتيال جاءت بعد أشهر قليلة على إستعادة المخيم لهدوئه واستقراره أثر الاشتباك المسلح بين "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" (30 تموز 2023) عقب اغتيال قائد "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، حيث قررت "فتح "إزالة المظاهر المسلحة والدشم والمتاريس وإعادة فتح الطرقات بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول 2023.
وباعتقاد المصادر الفلسطينية، فإن الوضع الأمني دخل في عنق الزجاجة وعاد إلى سيرته الأولى من السخونة، يتأرجح على حبال معادلة "الأمن الهشّ" المفتوح على التوتير في أي لحظة وعند أقل إشكال، لكن دون الانفجار الكبير، نتيجة جملة من الحسابات السياسية والتوقيت غير المناسب.
وفيما لم تهدأ الاتصالات والاجتماعات المفتوحة وعلى مختلف المستويات السياسية والأمنية اللبنانية والفلسطينية لسحب فتيل التفجير، توقفت المصادر أمام التوقيت:
-في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وفشل المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار بشكل دائم وتبادل إطلاق الأسرى، فيما تعتزم إسرائيل إعلان نصر مزعوم على الجناح العسكري لحركة "حماس" لحفظ ماء وجهها بعد 9 أشهر من حرب الإبادة.
-مع ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية على ضوء رفع المسؤولين الإسرائيليين لغة التهديدات بشن عدوان واسع على لبنان لإبعاد حزب الله عن الحدود الدولية وتوفير الأمن لمستوطني الشمال، بهدف إعادتهم إلى منازلهم بعد نزوحهم مع فتح الجبهة إسنادا لغزة.
-بعد أيام قليلة على الضجة التي أثيرت حول قيام "الجبهة الشعبية–القيادة العامة" بزعامة أحمد جبريل بإخلاء موقعها العسكري في الناعمة–ساحل الشوف، حيث أكد مسؤولها في لبنان غازي دبور "أبو كفاح" لـ النشرة" عدم صحتها، وأن ما جرى هو إخلاء لطريق مدني تسهيلا لحركة المدنيين، وقرأ بأنه محاولة لإعادة تسليط الأضواء على السلاح الفلسطيني في لبنان.
-بعد أيام قليلة أيضا على تأجيل الحوار الثنائي بين حركتي "فتح" و"حماس"، الذي كان مقررا عقده في بكين برعاية صينية لإنهاء الانقسام وإجراء المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة، وذلك استكمالاً لحوار سابق جمع الطرفين في نيسان الماضي في بكين.
-بعد أسبوعين على انتخاب حركة "فتح" في لبنان قيادتها التنظيمية الجديدة المؤلفة من 15 عضواً، وذلك خلال مؤتمرها التَنظيمي السادس الذي عقدته في سفارة دولة فلسطين في بيروت، بعدما أنجزت عقد مؤتمراتها في المناطق بالتوالي منذ أكثر من شهر ونصف والذي تميّز بضخّ دماء جديدة، من جيل الشباب على اعتباره خطوة في مسيرة ترتيب بيتها الداخلي والحفاظ على قوتها وحضورها في المخيمات بعد عملية "طوفان الأقصى".
واعتبرت مصادر فتحاوية عبر "النشرة"، أن عملية اغتيال عقل رسالة دموية ومحاولة واضحة لإحباط نتائج المؤتمر، الذي انتخب قيادة جديدة تحاكي المرحلة الراهنة في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، والمخاطر والتحديات التي تواجه المخيمات في لبنان وسط استشعار الخطر المحدق بها مع الضغوط الدولية لإنهاء عمل "الأونروا" ومحاولة شطب حق العودة وفرض التوطين.
وتدور في الأروقة الفلسطينية الضيقة، أن حركة "فتح" قررت هذه المرة التعامل بطريقة مختلفة مع عملية الاغتيال بعدما وجدت نفسها أمام خيارات صعبة ومعقدة ومتداخلة معا، فالانخراط بمعركة عسكرية في هذا التوقيت سيكون لها تداعيات كثيرة فلسطينيا ولبنانيا، وبالتالي لجأت إلى ممارسة ضغوطات للتسليم طوعا مهما استغرق ذلك من وقت ووضعت القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية أمام مسؤولياتها كاملة.
وعمدت "فتح" إلى سلسلة خطوات ميدانية لتحقيق هدفها ومنها إعادة إقفال الطرقات الرئيسية في المخيم وإلى منطقتي الطوارئ والتعمير في إشارة يومية إلى استمرار المشكلة حتى يتم تسليم القاتل، ومنها نصب دشم ومتاريس في المناطق الساخنة وخاصة في منطقة الاغتيال (الرأس الأحمر–الشارع الفوقاني) ورفعت الشوادر الحاجبة واستنفرت قواتها العسكرية ونفذت انتشارا قرب مواقعها فأقفلت المحال التجارية كلها.
وعلمت "النشرة"، أن الاجتماعات المفتوحة التي عقدتها القيادة السياسية للقوى الوطنية والإسلامية في منطقة صيدا لتطويق ذيول الجريمة، لم تكتف بإصدار بيان استنكار، بل خلصت إلى تشكيل وفد مصغر منها قام بزيارة ذوي القاتل حمد مرتين، وطلبت من والده ووجهاء العائلة تسليمه، فاستمهلت بعض الوقت لذلك، وسط شعور متزايد بصعوبة ذلك.
وعلى وقع الانتظار، تجاوب ذوو عقل مع مساعي التهدئة وقاموا بدفنه على مضض، فيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات "الواتساب" بيانات تحدد موقفها مما جرى ومنها لـ"تجمع الشباب المسلم" الذي نفى أي علاقة له بالحادث، مؤكدا "أننا لم نرض ولم نقبل به ولا نتبناه بل نرفضه ونستنكره ونضعه في سياق الحادث الفردي، ونحن مستعدون للتعاون مع المرجعيات للوصول إلى حل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق