يطلّ شهر رمضان على المخيمات الفلسطينية في لبنان، هذا العام، حاملاً معه الكثير من التحديات، في ظل الحرب الصهيونية المدمرة التي وقعت على لبنان والتي شردت العديد من العائلات التي لا تزال بيوتها مهدمة، وقد إعتاد الصائمون على تحضير الموائد التي تتضمن أنواعاً وأصنافاً مختلفة. ولكن الأهالي يحرصون على التمسك بالعادات التي تصطدم بالأوضاع المعيشية السيئة، ونتيجة ضعف القدرة الشرائية والكثير من الأمور الأخرى.
وفي هذا السياق، جالت "وكالة القدس للأنباء" في سوق صبرا القديم في العاصمة اللبنانية بيروت، والذي كان يعرف سابقًا بـ"أبو الفقير"، حيث لفت صاحب بسطة الخضار في السوق، فوزي الفرا، لـ"وكالة القدس للأنباء"، إلى أنه "وكالعادة من المتوقّع أن تحلّق أسعار الخضار والفاكهة وغيرها من الأصناف صعوداً، فور الدخول في هذا الشهر"، حيث أرجع ذلك إلى رفع التجار الأسعار لعلمهم بأن الناس ستتهافت على الشراء، لتحضير "الفتّوش" و"التبولة" وغيرها من السلطات قبل تناول الأطباق الرئيسية".
وأضاف الفرا: " لم نكد ننتهي من الحرب حتى وصلنا إلى حرب الأسعار، حيث نشهد ارتفاعًا جنونيًا في الخضار والفاكهة وذلك بسبب موجة الصقيع التي اتلفت المزروعات وبالأخص الحشائش والخضار"، مشدداً على أن "هطول الأمطار وتراكم الثلوج ينفع الطبيعة والينابيع"، وأضاف: "عندما تكون درجات الحرارة متدنية على الساحل تمنع نمو الزراعات، ولا يتمكن المزارع من قطف كميّة خضار لتلبية حاجات السوق"، مؤكداً أن "نقص الكميات في الأسواق يساهم برفع الأسعار قبل الدخول في شهر رمضان".
وأشار الفرا إلى أن "تكلفة طبق "الفتوش" لوحده قد يتجاوز الثلاث ملايين ليرة لبنانية، حيث أن سعر كيلو البندورة 100 ألفاً وكيلو الحامض 150 ألفاً، والخيار 200 ألفاً وضمة البقدونس والخس والفجل بـ 50 ألفًا ، ولتر زيت الزيتون بـ 500 ألف ليرة، وغيرها من الأسعار المهولة لبعض أنواع الخضار التي قد يستغني عنها الصائم خلال هذا الشهر الفضيل".
من جهته، يؤكد أبو أحمد حشيشة، وهو تاجر خضروات في حسبة المدينة الرياضية، لـ"وكالة القدس للأنباء"، بأنه "في شهر رمضان يكون هناك إقبال أكثر على الخضار، والخوف أن نصل إلى إرتفاع بالأسعار أكثر مما هي عليه اليوم ونخيب آمال الأهالي وبخاصة في المخيمات".
أما البحصلي فيرى أنه "من الطبيعي أن يزداد الطلب على الفواكه والخضار وترتفع أسعارها، ولكن في نفس الوقت ليس هناك أيّ مسبب عشوائي لارتفاعها، خصوصاً أنه لا يوجد نقص في البضائع لدينا، وسندخل الشهر الفضيل ولم يحصل هذا الطلب الغير الاعتيادي على المواد الغذائية". مضيفاً: "في كل عام خلال فترة الصوم تطلب وزارة الاقتصاد منا ألاّ نقوم برفع الأسعار، وهذا لا يحصل إجمالا".
فيما اعتبر صاحب محال الزيت والأجبان والألبان، منير وهبي، في حديثه لـ"وكالة القدس للأنباء"، أن "الأسعار لم ترتفع أكثر من تقلباتها الطبيعية"، وأضاف: "الزيوت إرتفعت لأنّ أسعارها إرتفعت عالمياً أي أكثر من مرتين أو ثلاثة عما كانت عليه منذ أشهر، كذلك فهي في الخارج ارتفعت بنسبة 10 إلى 15 % نتيجة عدّة عوامل، أما من ناحية العوامل الداخليّة فلم ترتفع عما كانت عليه"، ويشدّد على أنه "خلال الحرب كان هناك تخزين من الناس خوفاً من أن يحصل أي شيء أو أن يحصل انقطاع في البضائع، ولكن رغم المصاعب لم يحصل ذلك".
أما في ما يخص ارتفاع أسعار الأجبان والألبان، فيشير وهبي إلى أن "هناك ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصل سعر كيلو الجبنة البلغارية الغنم مليون ليرة، وكيلو اللبنة البلدية 400 الف ، واللبن 200 الف وهكذا، والله يتلطف بالفقير في الشهر الفضيل".
أما أسعار اللحوم فحدث ولا حرج، حيث وصل سعر كيلو لحمة العجل المليون ومئتين ألف ليرة، حسب ما أكده صاحب محل الجزارة، حسان العزيزة لوكالتنا. والذي لفت إلى أن الاقدام على شراء اللحوم متدني جدًا مقارنة بالسنوات السابقة.
بدورها، الحاجة أم محمد علي، من سكان مخيم شاتيلا المحاذي لسوق صبرا، فأكدت لـ"وكالة القدس للأنباء"، أن "غلاء الأسعار شمل كل الخضروات والفاكهة واللحوم والأجبان والألبان، وهذا سيؤثر حتماً على موائد رمضان لدى الأهالي الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة للغاية بسبب ارتفاع البطالة وعدم اكتراث وكالة الأونروا لتلبية احتياجاتهم من طبابة واستشفاء وخدمات إغاثية، حيث قامت الوكالة مؤخرًا باستبدال المساعدات النقدية بـ"كراتين الذل" التي لا تلبي شيئًا من احتياجات شهر رمضان المبارك".
وهذا ما أكدته السيدة منتهى الهنداوي، بأن هناك تحديات كثيرة تنتظر الأهالي خلال شهر رمضان إذا لم تتحرك إدارة "الأونروا" لتلبية احتياجاتهم، لأننا اعتدنا على التحضيرات الخاصة بالشهر الكريم، ولكننا اليوم بتنا نحسب اليوم بيوم لناحية تأمين رغيف الخبز، فكيف نستطيع أن نكمل الشهر ووضعنا المادي "زفت"، فبرداتنا خالية من لوازم رمضان".
في ما دعت السيدة أم فؤاد الحسون اللجان الشعبية بالضغط على الوكالة لإعادة مشروع تأمين ربطة الخبز لمخيم شاتيلا، كما دعت الأونروا بتقديم المساعدات النقدية والعينية على حد سواء، ولا تقدم مساعدة وتقطع أخرى، لأننا بأمس الحاجة للمساعدة في هذا الشهر الفضيل".
ويبقى السؤال: هل يصوم اللاجئ عن بعض احتياجاته في رمضان بسبب ارتفاع الأسعار وعدم اكتراث الأونروا لأوجاعه، حيث تكرر مشهد المآسي مع كل رمضان؟!.. وأين هي الجمعيات التي تملأ المخيمات، وأين تصرف موازاناتها، التي تصلها من الدول والهيئات المانحة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق