زميلاتي وزملائي الأعزاء،
لقد كان هذا العام عاما آخر صعبا للغاية على لاجئي فلسطين والأونروا.
يُبشر وقف إطلاق النار الحالي في غزة بالأمل، لكن الوضع لا يزال هشا في ظل وقوع حوادث يومية وغياب مسار سياسي واضح للمضي قدما. ورغم القيود التشغيلية المفروضة على الوكالة، يعمل الآلاف من زملائنا على توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم، فضلا عن المياه والصرف الصحي والنظافة. ويُعد دعمهم أمرا لا غنى عنه للسكان المنهكين، الذين تزداد معاناتهم الآن جراء العواصف وبداية فصل الشتاء.
وفي خضم أحداث غزة، عانت الضفة الغربية عاما من العنف المروع والنزوح الجماعي والتدمير الممنهج للبنية التحتية الفلسطينية. وتسيطر حالة من الخوف والقلق على المجتمعات الفلسطينية مع توسع المستوطنات بقوة والدعوة العلنية إلى الضم.
في عام 2025، تأثرت عمليات الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة بشدة جراء تطبيق تشريعات الكنيست الإسرائيلية التي تهدف إلى إنهاء عملنا الحيوي. طُرد زملاؤنا الدوليون من الأرض الفلسطينية المحتلة، وتمت مداهمة مقراتنا في القدس الشرقية المحتلة، ومُنعت إمداداتنا من دخول غزة، كل ذلك في تحدٍ لالتزامات الدول الأعضاء تجاه الأمم المتحدة وفي معارضة للقانون الدولي.
ولم تقتصر التحديات الجسيمة التي تواجه لاجئي فلسطين والأونروا على الأرض الفلسطينية المحتلة فقط. ففي لبنان وسوريا، واجه زملاؤنا والمجتمعات التي نخدمها العنف والصعوبات الاجتماعية والاقتصادية. كما أثرت الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة عموما بشكل كبير على لاجئي فلسطين في الأردن.
وسط هذه التحديات الجسيمة، برزت بوارق أمل. فقد أقرت محكمة العدل الدولية بالصلة الوثيقة والمستدامة بين ولاية الأونروا وإعمال حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وقضت بأن إسرائيل ملزمة بالموافقة على عمل الوكالة وتيسيره.
وصوّتت الجمعية العامة بأغلبية ساحقة على تجديد ولاية الأونروا لثلاث سنوات إضافية. مع ذلك، قوبلت كل محاولة يبذلها النظام متعدد الأطراف للدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد بمقاومة متجددة وحملات تضليل مكثفة تهدف إلى تفكيك الوكالة وتجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين.
ومع دخولنا عام 2026، تتواصل دون هوادة الجهود السياسية والتشريعية لإنهاء وجود الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وربما خارجها.
وعلى الرغم من جهودنا الجماعية الهائلة، وتجديد ولايتنا مؤخرا، والدعم السياسي المهم الذي حظينا به، لا تزال الأونروا هشة للغاية، ومستقبلنا غامض.
ويتجلى هذا بوضوح في وضعنا المالي الخطير. لم تتمكن الوكالة من الحفاظ على دفع الرواتب في عام 2025 إلا من خلال تطبيق تدابير تقشفية صارمة وضبط النفقات.
وتظل توقعات الإيرادات لعام 2026 قاتمة، ويتفاقم الوضع بسبب الانخفاضات الكبيرة في التمويل والتخفيضات البرامجية في النظام البيئي الإنساني والتنموي الأوسع.
ما لم نتلقَ تمويلا جديدا كبيرا في القريب العاجل، فلن يكون أمامي خيار سوى اتخاذ تدابير إضافية مطلع العام المقبل. ستسعى هذه التدابير إلى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى حماية ولاية الأونروا، وضمان استمرار تقديم الخدمات، وحماية وضعكم كموظفين في الأونروا.
بالإضافة إلى ذلك، انتشرت مؤخرا شائعات حول تصنيف ضار محتمل يتعلق بالوكالة. لم نتلقَّ أي تأكيد لهذه التقارير، لكننا نعمل بشكل مكثف مع الدول الأعضاء ومنظومة الأمم المتحدة لمنع حدوث مثل هذا الأمر غير المسبوق. قد يلزم اتخاذ بعض التدابير الاحترازية في ضوء هذه التطورات.
لقد حذرتُ مرارا وتكرارا من خطر التفكيك المفاجئ للأونروا، بما يشمل تأثير ذلك على لاجئي فلسطين والدول المضيفة. إن السبيل الوحيد للمضي قدما هو الالتزام الجاد بالمسار السياسي نحو حل الدولتين، وبناء مؤسسات فلسطينية قادرة ومتمكنة يمكنها أن تستفيد من خدمات الأونروا.
إنني أُدرك تماما الخسائر الفادحة التي تكبدتموها جميعا خلال العامين الماضيين. لقد تجاوزتم كل التوقعات وتغلبتم على مصاعب مستحيلة للحفاظ على عمليات الأونروا ومواصلة توفير شريان حياة للاجئي فلسطين في جميع أنحاء المنطقة.
أؤكد لكم أنني وفريق الإدارة العليا لا نألو جهدا في مساعينا لتأمين تمويل إضافي وحماية الوكالة من الهجمات السياسية المتصاعدة، بما في ذلك حشد الدول الأعضاء والقيادة العليا في الأمم المتحدة.
أظل ممتنا للغاية لالتزامكم الراسخ بولايتنا، وأتمنى أن يحمل العام المقبل أياما أفضل.
لكم مني كل التضامن،
فيليب لازاريني