آخر الأخبار

رحيل بيان نويهض الحوت.. صوت الذاكرة الفلسطينية

96498489498

فقدت القضية الفلسطينية إحدى أبرز مناضلاتها، الأكاديمية والمؤرخة والصحافية بيان عجاج نويهض الحوت، التي جمعت في مسيرتها بين الفكر والموقف، والكلمة الجريئة والنضال الميداني. فقد توفيت في بيروت، صباح اليوم الأحد، عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد حياة حافلة بالبحث والتوثيق والدفاع عن الرواية الفلسطينية.

من القدس إلى بيروت

وُلدت الراحلة في مدينة القدس عام 1937، وتنتمي لعائلة ذات خلفية فكرية ونضالية بارزة، حيث كان والدها عجاج نويهض، من مؤسسي “حزب الاستقلال العربي” عام 1932، وقد عاش في القدس 25 عاماً بعد أن وُلد في رأس المتن بلبنان. غادرت العائلة مدينة القدس في إبريل/نيسان 1948 إثر نكبة فلسطين، لتنتقل إلى لبنان ثم إلى عمّان في عام 1951.

أكملت بيان نويهض الحوت تعليمها الثانوي في رام الله، والتحقت بكلية دار المعلمات، ثم تابعت دراستها في جامعة دمشق. وهناك انخرطت مبكراً في العمل السياسي، فانتسبت إلى “حزب البعث العربي الاشتراكي”، قبل أن تدفعها خيبة الانفصال السوري-المصري عام 1961 للاستقالة احتجاجاً على ما اعتبرته نكسة قومية.

في عام 1959 انتقلت إلى بيروت، حيث استقرّت العائلة، والتحقت بالجامعة اللبنانية لدراسة العلوم السياسية، ومعها بدأت حياتها المهنية في الصحافة، فعملت في مجلة “دنيا المرأة” ثم في مجلة “الصياد”، حيث برزت من خلال تغطياتها للثورة الجزائرية.

كما أجرت حوارات مع شخصيات فكرية وقومية بارزة من أمثال المهدي بن بركة، وساطع الحصري، وزكي الأرسوزي.

التكوين السياسي

تزوجت في 1962 من المناضل الفلسطيني شفيق الحوت، أحد رموز المقاومة الفلسطينية وأحد مؤسسي “جبهة تحرير فلسطين – طريق العودة”، وكان ارتباطها به امتداداً لمسيرتها الفكرية والنضالية، إذ عمّق حضورها في أوساط الحركة الوطنية الفلسطينية، لتلتقي بشخصيات قيادية بارزة مثل كمال عدوان، صلاح خلف، وأبو يوسف النجار، ونقولا الدر، وإبراهيم أبو لغد، وسميرة عزام.

لم تتوقف بيان نويهض الحوت عن تحصيلها العلمي، فحصلت على إجازة في العلوم السياسية من “الجامعة اللبنانية” عام 1963، ثم دبلوم الدراسات العليا في القانون العام سنة 1970، والعلوم السياسية عام 1971، وصولاً إلى الدكتوراه في العلوم السياسية عام 1978، حيث أعدت أطروحتها الموسومة “القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917–1948″، تحت إشراف المؤرخ الفلسطيني أنيس الصايغ.

خلال الحرب الأهلية اللبنانية، انتقلت إلى القاهرة مع أبنائها، حيث نالت شهادة دكتوراه الدولة في العلوم السياسية، ثم عادت إلى بيروت وبدأت مرحلة جديدة من العمل الأكاديمي والبحثي.

جهد بحثي كبير

كرّست الحوت جهدًا كبيرًا لتوثيق مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، وجمعت شهادات الضحايا وذويهم، إضافة إلى شهادات رجال الإسعاف والمتطوعين، من أجل فضح الرواية الإسرائيلية الرسمية المسماة “تقرير كاهانا”، وهو ما تُوّج بكتاب مرجعي صدر عام 2003 عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

ويعد الكتاب عمل وثائقي نادر اعتمد في فترة لاحقة كوثيقة قانونية كان من المفترض أن تستخدم في محاكمات دولية لولا التدخلات السياسية التي حالت دون ذلك.

عملت الراحلة أستاذة جامعية، وشاركت في تحرير مجلات فكرية وأكاديمية كرستها من أجل القضية الفلسطينية بحثًا وتأريخًا للنضال الفلسطيني، فأسهمت في تحرير مجلات فكرية مرموقة مثل “المستقبل العربي” و”الدراسات الفلسطينية”، وعملت مع مؤسسات بحثية كمركز “دراسات الوحدة العربية” و”مركز الأبحاث الفلسطيني”. كما شغلت مواقع قيادية في “الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي”، و”المؤتمر القومي الإسلامي”، و”مجلس إدارة مؤسسة القدس”.

ألفت وحرّرت عددًا من الكتب والدراسات المهمة، منها:

  • وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1918–1939 (1979)
  • القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917–1948 (1981)
  • الشيخ المجاهد عز الدين القسام في تاريخ فلسطين (1987)
  • فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة  (1991)
  • مذكرات عجاج نويهض (1993)
  • صبرا وشاتيلا: أيلول 1982 (2003)
  • إشكالية الوعي والذاكرة العربية  (2012)
  • أحاديث ومراسلات عجاج نويهض (2022)
  • كما جمعت وصنّفت كتاب والدها رجال من فلسطين كما عرفتهم (2023).

وفاء كبير

يقول الكاتب سليمان بختي في تقرير نعى فيه الراحلة الحوت: “كان في قلبها وفاء كبير لوالدتها جمال سليم أم خلدون، فجمعت في العام 2012 الخماسية الروائية التي أنتجتها والدتها وهي” مواكب الشهداء” و”الحمامة البيضاء” و”من أجل أمي” و”غربة في الوطن” و”الفدائي”.

وتروي جمال سليم في هذه الخماسية فصولًا من نضال الشعب الفلسطيني. وعملت أيضا على جمع الأعمال الشعرية لوالدتها تحت عنوان “زيزفونة الدرب” ورافقت عن كثب عملها الدؤوب والدقيق من أجل سيرة شعرية وجدانية قومية إنسانية كتبتها والدتها بلغة مقطرة تستهدف المعنى والبيان وصدرت عن دار نلسن في العام 2021.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة