آخر الأخبار

قطيعة بين القوى الفلسطينية و”الأونروا”… تبلغ ذروتها بحرق صور المفوض العام ومديرة لبنان

5880086_1763312971

النشرة

بلغ الخلاف بين الفصائل ال​فلسطين​ية وإدارة ​الأونروا​ في لبنان مرحلة القطيعة. للمرة الأولى، يحرق ناشطون فلسطينيون صورًا للمفوض العام فيليب لازاريني، إلى جانب صور للمديرة العامة في لبنان، ​دوروثي كلاوس​، وسط اتساع دائرة ​الاحتجاجات الشعبية​ في المخيمات بشكل غير مسبوق، ما ينذر بانفجار اجتماعي.

حرق الصور لم تكن الخطوة الوحيدة في دائرة الاحتجاج السياسي والشعبي. وفقًا لأوساط فلسطينية مسؤولة لـ”النشرة”، فقد جاءت هذه الخطوة في إطار سلسلة إجراءات سابقة بدأت بانقطاع التواصل واللقاءات بين كلاوس وغالبية القوى الفلسطينية، واستكملت بالدعوة إلى إقالتها وطردها، برسالة تحذرها من دخول أي من المخيمات، “لانها شخص غير مرغوب فيه”.

وفيما تؤكد القوى الفلسطينية أن دوروثي تعمد الى فرض آرائها عنوة وتهميشها وعدم التنسيق معها في أي من القرارات، يتهمها المحتجون بأنها “الرأس المدبر” وراء تقليص الخدمات على اختلافها تحت ذريعة العجز المالي، وفصل الموظفين عبر اتباع سياسة بوليسية تقوم على الترهيب تحت حجة “الحيادية”.

ولا تخفي الأوساط أنه في ضوء انسداد أفق الحوار واستمرار الاحتجاجات، تزداد المخاوف من انفجار مدني داخل المخيمات. فالأونروا تتمسك بسياساتها تحت شعار “الضرورة المالية”، فيما تتمسك القوى بـ”الكرامة والحقوق”. وبين الشعارين، يقف اللاجئ الفلسطيني وحيدًا، يواجه قسوة اللجوء وتراجع الخدمات وضبابية المصير، ما يضع مستقبل ​اللاجئين الفلسطينيين​ أمام مرحلة حرجة ومفتوحة على كل الاحتمالات.

وأكدت الأوساط ذاتها لـ”النشرة” أن اللاجئين يدركون جيدًا هذا المخطط المشبوه، ويعملون وفق سياسة دقيقة توازن بين الحفاظ على الأونروا كشاهد حي على النكبة وحق العودة، وبين الاحتجاج على قراراتها التي تستهدف عيشهم الكريم ودفعهم نحو المزيد من اليأس والإحباط والهجرة، وافراغ المخيمات من خزانها البشري الذي طالما تمسك بالعودة ورفض التوطين.

وفي موازاة الاحتجاجات الميدانية، نفذت القوى خطوات ذات دلالة على المضي قدمًا في وقفاتها، أولا: إنشاء لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين، في رسالة واضحة بأنها مع الحفاظ على بقاء الأونروا ورفض استهدافها سياسيًا وماليًا، وإنما للتصدي لقرارات التقليص شعبياً وسلميًا تحت شعار “نختلف معها ولا نتختلف عليها”. وثانيا: عقد لقاء شعبي في مخيم عين الحلوة بعد مرحلة طويلة من معايشة الواقع، وبمشاركة ممثلين عن اللجان الشعبية والمؤسسات الاجتماعية والحراكات الشبابية وخبراء تربويين، خلص إلى ضرورة معالجة الأزمة عبر حلول عاجلة تشمل سعي الأونروا للبحث عن تمويل بدلاً من تقليص الخدمات، على اعتبار أن المجتمع الدولي مسؤول عن تداعيات اللجوء حتى العودة. ثالثا: قيام العمل الجماهيري في حركة “حماس” في لبنان بتوزيع مذكرة باللغتين العربية والإنكليزية على المؤسسات القانونية والإنسانية والتعليمية والدبلوماسية الدولية، دعا فيها إلى التدخل العاجل لحل الأزمة التربوية في مدارس الأونروا داخل مخيم عين الحلوة، وتشمل: توفير مدارس جديدة، وترميم المدارس المتضررة، ووقف سياسة إلغاء الصفوف، وتحسين مستوى التعليم بما يضمن بيئة تربوية آمنة وفعّالة.

وأوضحت المذكرة أن الأزمة تفاقمت نتيجة سياسات مديرة الوكالة في لبنان، دوروثي كلاوس، التي شملت إغلاق عدد من المدارس، وإلغاء شعب صفِّية، وحشر الطلاب في صفوف يصل عددها إلى خمسين طالبًا، إلى جانب ضعف المناهج وعدم ترميم المدارس المتضررة خلال الأحداث الأمنية السابقة.

وختمت المذكرة بدعوة جميع المؤسسات الدولية إلى التدخل الفوري لوقف ما وصفته بـ”السياسات السلبية” لمديرة الأونروا في لبنان، وحماية حق الطلاب الفلسطينيين في التعليم، والحفاظ على استقرار المخيمات في ظل الظروف المعيشية والإنسانية المتدهورة.

في المقابل، حذر المفوض العام للأونروا، لازاريني، من أنّ ملايين الفلسطينيين قد يفقدون الوصول إلى الخدمات الأساسية إذا لم تحصل الوكالة على تمويل عاجل وكبير خلال الأشهر المقبلة. وأكد عبر منصة (إكس) أن محاولات تهميش الأونروا جزء من “جهد أوسع لتغيير الأسس الراسخة للحل السياسي للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي”.

وأوضح أن الوكالة تواجه عجزًا ماليًا بقيمة 200 مليون دولار حتى نهاية الربع الأول من عام 2026، رغم إجراءات تقشف وضبط نفقات بلغت 150 مليون دولار هذا العام، محذرًا من أن استمرار هذا الامر سيقود إلى تقليص نطاق وجودة الخدمات، ويزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية للاجئين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.

وختم بالقول إن دعم الأونروا ليس مجرد مساعدة إنسانية، بل استثمار في المسار السياسي المستقبلي، داعيًا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان تمويل الوكالة بالكامل، وتحديد دورها بوضوح ضمن أي عملية سياسية قادمة، لتظل الأونروا خط الدفاع الأخير عن الحقوق الفلسطينية، ودرع الأمل الذي يحمي أجيال المخيمات من ضياع المستقبل وسط أزمات لا تنتهي.

يذكر أنه منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة عام 2023، تصاعد الهجوم الإسرائيلي السياسي والإعلامي ضد الأونروا، كما أقرّ الكنيست في عام 2024 قانونًا يحظر نشاط الوكالة داخل إسرائيل، بينما جمّدت واشنطن ودول مانحة رئيسية تمويلها بحجة “التحقيق في مزاعم أمنية” تتعلق بمشاركة بعض موظفيها في هجوم السابع من تشرين الأول من العام ذاته. وقد انعكس ذلك سلبًا على خدمات الوكالة في أماكن عملها، ومنها لبنان.

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة