بقلم: عصام الحلبي
فقدت الساحة الفلسطينية اليوم مناضلة وكاتبة وأكاديمية استثنائية، كانت صوتًا مؤثرًا في النضال الوطني الفلسطيني وتوثيق تاريخه. الدكتورة بيان عجاج نويهض لم تكن مجرد مثقفة وفكرية، بل كانت رافدًا مهمًا من روافد الثورة الفلسطينية المعاصرة، جمعت بين الفكر والعمل الوطني ، وتركت بصمة ل في حياة القضية الفلسطينية وفي وجدان شعبها.
تُعدّ الدكتورة بيان من الشخصيات البارزة التي ساهمت في حفظ ذاكرة الشعب الفلسطيني عبر أبحاثها ومؤلفاتها التي تناولت التطورات السياسية والاجتماعية التي مر بها الفلسطينيون خلال القرن العشرين، خاصة في لبنان حيث كان لها حضور أكاديمي ووطني بارز. بدأت رحلتها العلمية برسالة دكتوراه تناولت تطور الحركة الوطنية الفلسطينية في فترة الانتداب البريطاني، مركزة على الدور السياسي والمؤسساتي الذي لعبه الفلسطينيون في تلك المرحلة.
كان للدكتورة بيان دور محوري في توثيق تاريخ فلسطين الحديث من خلال جهودها في جمع ونشر مذكرات وشهادات والدها المؤرخ عجاج نويهض، الذي كان من الفاعلين الرئيسيين في الحركة العربية الفلسطينية. وقدمت بذلك مواد تاريخية غنية تسلط الضوء على وعي النخبة الوطنية العربية والفلسطينية في بدايات القرن العشرين.
ومن بين مؤلفاتها الهامة:
“أحاديث ومراسلات عجاج نويهض: الحركة العربية 1905-1933” الذي يوثق شهادات مهمة حول تطور الحركة العربية.
“مذكرات عجاج نويهض: ستون عامًا مع القافلة العربية” التي تقدم سردًا تاريخيًا شخصيًا غنيًا بالأحداث الوطنية.
“رجال من فلسطين كما عرفتهم”، والذي يضم سيرًا ذاتية لشخصيات فلسطينية بارزة.
دراستها الأكاديمية “القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948” التي تحلل تحولات الحركة الوطنية في ظل الانتداب.
كتابها “فلسطين: القضية، الشعب، الحضارة” الذي يقدم قراءة شاملة لتاريخ الشعب الفلسطيني.
بالإضافة إلى كتابها الذي وثّق مجزرة صبرا وشاتيلا، ليؤكد على حجم المعاناة التي تعرض لها الفلسطينيون في لبنان.
لم تقتصر مساهماتها على الكتابة فحسب، بل كانت أيضًا محاضرة وأستاذة جامعية، حيث درّست تاريخ القضية الفلسطينية، وعلّمت أجيالًا من الطلاب قيم النضال الوطني، وساهمت في نشر الوعي الفلسطيني ثقافيًا وسياسيًا في لبنان وخارجها.
بفقدانها، تخسر الساحة الفلسطينية صوتًا فكريًا وأكاديميًا مهمًا، يظل إرثها حيًا في الكتب والدراسات التي قدمتها، وفي قلوب من عرفوها وعملوا معها، حيث كانت دائمًا رمزًا للصمود والوفاء لقضية شعبها.