انتصار الدنان
تواجه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أزمة في التمويل انعكست سلباً على خدماتها في مناطق وجود اللاجئين الفلسطينيين، ومن بينها لبنان، حيث أثرت على خدمات الصحة والتعليم والمساعدات النقدية، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات في مخيم عين الحلوة (جنوب)، ومخيمات أخرى. وشملت هذه التقليصات مرضى السرطان، والطلاب، وكبار السن، ما يحرمهم من خدمات عدة، خصوصاً أن هذه الفئات تعتمد على دعم “أونروا”.
يقول الناشط الفلسطيني يوسف يوسف، الذي يقيم في مخيم عين الحلوة: “جميع أهالي المخيم من الطبقة الفقيرة، وغالبية الشباب بلا عمل بسبب عدم سماح السلطات اللبنانية لهم بمزاولة مهن معينة، كما يعيش البلد نفسه في وضع اقتصادي صعب. وهذه الأوضاع السيئة تنعكس سلباً على واقع الفلسطينيين الذين يعيشون بدورهم على ما تقدمه أونروا من معونات قد تكون مادية في حالات معينة أو طبية في عيادات أنشأتها أو تعليمية في مدارس تشرف عليها. وبعد التقليصات التي تزداد يومياً لم يعد اللاجئون الفلسطينيون يستطيعون تحمّل الأعباء”.
يتابع: “طلبنا لقاء مديرة أونروا في لبنان دوروثي كلاوس، وكنا قد نفذنا اعتصامات سلمية بعدما بدأت التقليصات بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن تزايد هذه التقليصات في الأسابيع الأخيرة جعل الوضع لا يحتمل بالنسبة إلى فلسطينيين كثيرين لأنها باتت تطاول جميع أقسام الخدمات، خصوصاً الصحية. وبالنسبة إلى مرضى السرطان تحديداً يحق لهم الحصول على مبلغ محدد للطبابة خلال العام، بحسب ما يفيد الأطباء المسؤولون عن الأمر، لكن معظمهم لا يُمنحون هذا المبلغ ويدفعون أموالاً طائلة من جيوبهم، ويتوفى من لا تتوفر لديهم تكاليف العلاج. وحتى المرضى الذين يحق لهم العلاج لا يحصلون عليه، وأولئك الذين يحتاجون إلى علاج كيميائي يذهبون إلى المساجد والبيوت لطلب المساعدة كي يحصلوا على مساعدة مالية لدفع ثمن العلاج. كما أوقفت الوكالة خدمات العمليات الباردة، أي غير المستعجلة، بحجة تقليص التمويل، وطاولت التقليصات قطاع التعليم. إلى ذلك، نفذنا بوصفنا ناشطين جولة على مدارس عين الحلوة، فوجدنا أن ثلاثة صفوف خاصة بالخامس أساسي دُمجت في صف واحد في مدرسة، وأن 52 تلميذاً موجودون في الصف، والحال مماثلة في صفين للتاسع أساسي، حيث لا يستطيع المعلمون شرح الدروس على نحو طبيعي، وبالتالي لا يستفيد التلاميذ بسبب الفوضى والضجيج في الصفوف، ما يؤثر على العملية التربوية، ويشكل عبئاً على الأهالي الذين يضطرون إلى تعليم أولادهم لدى أساتذة متخصصين في البيوت. كما أوقفت أونروا المساعدة المالية التي كانت تقدمها للأطفال وكبار السن وقيمتها 50 دولاراً كل ثلاثة أشهر للفرد. الناس في المخيم لا يستطيعون تحمّل التقليصات التي تنفذها أونروا”.
ويقول الناشط الفلسطيني إبراهيم الحاج لـ”العربي الجديد”: “كل التقليصات التي تنفذها أونروا تربطها بحجج تتمحور حول سوء الوضع المالي ونقص التمويل، وهي غير مقنعة، لأن التقليصات تتعلق بالتعليم والطبابة. وبالنسبة إلى التعليم فرضت التقليصات دمج التلاميذ الذين بات عددهم يتجاوز خمسين في الصف الواحد. كما منعت هذه التقليصات ترميم المدارس المدمرة في مخيم عين الحلوة بعد الأحداث الأمنية في سبتمبر/ أيلول 2023”.
يتابع: “بالنسبة إلى الطبابة، أثرّت التقليصات بشكل كبير على مرضى السرطان خصوصاً، باعتبار أن كلفة علاج مريض واحد تتجاوز عشرة آلاف دولار، ولا تغطي أونروا نفقات العلاج في المستشفيات، كما أن هناك نقصاً في عدد الأطباء الذين يعملون في عيادات أونروا، كما أوقفت معونة الخمسين دولاراً للأطفال وكبار السن”. وأدت كل هذه التقليصات إلى رفع الصوت عالياً ومواجهة مديرة أونروا دوروثي كلاوس.
وأمام هذه التقليصات، يعتبر أنه يجب تنفيذ خطوات تصعيدية، ورفع سقف الاعتصامات كي تصبح عصياناً مدنياً أمام مقر أونروا التي وُجدت لخدمة الشعب الفلسطيني، وتأسست من أجله. يضيف: “يجب إغلاق كل مراكز ومؤسسات أونروا أسبوعاً على الأقل كي تراجع حساباتها وتشعر بخطر. الخيار هو أن تقدم كل الخدمات كاملة أو لا مبرر لوجودها، لأن الفلسطينيين لا يحصلون على خدمات، لذا يجب أن تنفذ تظاهرات واعتصامات تصعيدية حتى نحصل على حقوقنا في الخدمات التي تقدمها أونروا للفلسطينيين”، وختم بأن “رواتب موظفي أونروا تظل على حالها، فلماذا لم تُقلّص، وهل تشمل التقليصات فقط الخدمات التي تقدمها أونروا للناس؟ يجب أن نقف في وجه التقليصات التي لا تؤثر سلباً إلا على الفلسطينيين”.