آخر الأخبار

خروقات ممنهجة وحصار مشدد.. الاحتلال يعمق الكارثة الإنسانية في غزة

6-2

مع اقتراب فصل الشتاء وتواصل تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ترتفع التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية تتصاعد يومًا بعد يوم، وسط دمار شامل طال البنية التحتية والمساكن، وتهجير واسع لعشرات آلاف العائلات، وانهيار شبه كامل للمنظومة الصحية واستمرار الحصار والخروقات اليومية.

وبينما يعيش مئات الآلاف من المواطنين في خيام مهترئة لا تصمد أمام البرد والأمطار، تؤكد منظمات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ القطاع يواجه شتاءً قد يكون “الأقسى منذ عقود”، وأن حجم الاحتياجات الإنسانية تخطّى حدود قدرة المؤسسات على الاستجابة.

تدهور خطير في الوضع الإنساني

وحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أنّ الأوضاع في غزة تتدهور بسرعة مع دخول الشتاء، مشيرًا إلى أنّ مئات آلاف العائلات تواجه الأمطار والرياح دون أدنى حماية، في ظل نقص حاد في الخيام السليمة، والملابس الشتوية، ووسائل التدفئة.

وأكد المكتب أن الدمار الواسع الناتج عن الحرب أدى إلى شلل شبه كامل في البنية التحتية، لافتًا إلى أنّ 4% فقط من الأراضي الزراعية باتت قابلة للوصول إليها وغير متضررة، وهو ما يفاقم أزمة الأمن الغذائي.

كما أعربت الأمم المتحدة عن أسفها تجاه بطء وصول المساعدات رغم سريان وقف إطلاق النار، موضحة أنه تم إدخال 37 ألف طن فقط من أصل 190 ألف طن مخزّنة خارج غزة ضمن خطة إنسانية لم تُنفَّذ بسبب القيود.

وأشار المتحدث الأممي فرحان حق إلى استمرار حصر إدخال المساعدات عبر نقطتي عبور فقط، ومنع وصول موظفي منظمات غير حكومية، إضافة إلى غياب اتصال مباشر بين إسرائيل وشمال القطاع، أو بين مصر وجنوبه.

واقع صحي منهار وآلاف ينتظرون الإجلاء

وفي السياق ذاته، نبّهت منظمة الصحة العالمية إلى تفاقم الأزمة الصحية، مؤكدة أن نحو 16,500 مريض بحاجة إلى إجلاء عاجل لتلقي العلاج خارج القطاع، في ظل انهيار المستشفيات المحلية ونقص الأدوية والمستلزمات الأساسية.

ودعت المنظمة إلى إعادة فتح معبر رفح وجميع المعابر فورًا، معتبرة إياه شريانًا حيويًا لعمليات الإخلاء الطبي وإدخال الإمدادات الصحية.

ورغم وقف إطلاق النار، أشارت المنظمة إلى أنّ الاحتلال استمر في فرض حصار خانق وارتكاب خروقات متعددة، ما فاقم الأزمة الإنسانية والصحية.

الصليب الأحمر: خيام لا تصمد ومآوي تُغرقها الأمطار

وقدّمت أماني الناعوق، مسؤولة الإعلام في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وصفًا دقيقًا لمأساة المدنيين، مؤكدة أن الوضع الإنساني “يتدهور باستمرار” وأن السكان يكافحون للبقاء في ظروف لا يمكن احتمالها.

وقالت الناعوق في تصريح تابعه مراسلنا إن الخيام الحالية غير صالحة لمواجهة الأمطار والرياح، ما أدى خلال اليومين الماضيين إلى فيضانات وغرق مآوي مؤقتة بالكامل.

وأكدت أن الحاجة ملحّة إلى خيام متينة، وأدوات عزل، وأقمشة مشمّعة، وأوتاد وحبال، إضافة إلى الملابس الدافئة والبطانيات والمخدات ومواد التدفئة والطهي.

وحذّرت من مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه نتيجة غرق الخيام وتضرر البنية التحتية للصرف الصحي، مشيرة إلى أن السكان “منهكون منذ عامين” وأن انتشار الأمراض الفتّاكة بات مرجحًا في ظل الظروف الحالية.

الاستجابة الإنسانية وقيود الاحتلال

وأضافت الناعوق أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تواصل تقديم الدعم رغم تعقيدات الوصول، إذ تسلمت خلال الأسابيع الماضية أكثر من 400 لوح نقل مساعدات و100 لوح مواد طبية تم توزيعها.

كما تدعم اللجنة عمليات جمع النفايات عبر فرص عمل مؤقتة وتساند المطابخ المجتمعية وأفران الخبز الجماعية التي تُعد مصدر الغذاء الوحيد لكثير من العائلات، إضافة إلى استمرار تشغيل المستشفى الميداني في مواصي رفح.

وأكدت أن الوضع يتطلب استجابة إنسانية واسعة النطاق تشمل إزالة الركام، توفير مواد البناء، والبدء بإعادة إعمار المرافق الأساسية، وليس مجرد حلول مؤقتة.

خروقات وقف إطلاق النار وتعمّد تأزيم الوضع

وفي تطور خطير، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن الاحتلال ارتكب عشرات الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول.

وأوضح مدير المكتب إسماعيل الثوابتة أن الخروقات شملت التوغّل وإطلاق النار والقصف، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية وخيام النزوح والمنازل المتنقلة.

وأكد أن بروتوكول الهدنة نص على إدخال أكثر من 300 ألف خيمة وبيت متنقل لإيواء المهجّرين، في حين يعيش نحو 288 ألف أسرة فلسطينية في الشوارع والساحات المفتوحة دون حماية.

وكشف الثوابتة أن الاحتلال تعمّد منع دخول أكثر من 6 آلاف شاحنة مساعدات متوقفة عند الجانب المصري من معبر رفح، محمّلًا إسرائيل مسؤولية تأزيم الوضع الإنساني، وداعيًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب والوسطاء الدوليين للتدخل العاجل للضغط على الاحتلال لاحترام الاتفاق.

وأشار إلى أن حرب الإبادة دمّرت نحو 90% من البنى التحتية المدنية، بخسائر تقدّر مبدئيًا بـ70 مليار دولار.

في ظل هذا الواقع القاتم، تتفق تقارير الأمم المتحدة والصليب الأحمر والحكومة بالقطاع على أن غزة تتجه نحو فصل شتاء قد يكون الأكثر قسوة في تاريخها.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة