آخر الأخبار

الأسرى الفلسطينيون.. آلام لا تتوقف وانتهاكات فاقت حدود التصور

تعذيب-الأسرى

يشهد ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية مرحلة حرجة تتكشف ملامحها بشكل أوضح مع توالي الشهادات الجديدة التي أدلى بها أسرى محررون وعائلاتهم، فضلًا عما وثقته المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية.

تعكس هذه الشهادات واقعًا إنسانيًا معقدًا يتخلله تصاعد في الانتهاكات الممنهجة وسوء المعاملة، وتدهور في الظروف المعيشية والصحية داخل السجون، كما تبرز التحديات اليومية التي يواجهها الأسرى، بدءًا من القيود المفروضة على التواصل مع العالم الخارجي، وصولًا إلى الإهمال الطبي والمعاملة القاسية والانتهاكات الجسيمة وصولا للاغتصاب والقتل في نهاية المطاف.

ووفق شهادات موثقة من أسرى فلسطينيين أُفرج عنهم من السجون الصهيونية مؤخراً، فإن نمطًا ممنهجًا من التعذيب الجنسي يشمل الاغتصاب، تجريد المعتقلين من ملابسهم “التعرية”، وتوثيق ذلك قسريا عبر التصوير، استخدام أدوات جنسية، وحتى الاعتداء عبر الكلاب، بات واقعا داخل السجون.

ويمكن الإشارة إلى أبرز هذه الحالات وهي لامرأة تبلغ من العمر 42 عامًا، اغتصبها الجنود الصهاينة 4 مرات، ووجهت إليها إهانات لفظية، وصورت عارية، وتعرضت للصعق بالكهرباء والضرب في جميع أنحاء جسدها، حسب إفادتها لمراكز حقوقية مختصة.

وترى المراكز الحقوقية الفلسطينية، أن هذه الشهادات ليست حالات معزولة، بل جزء مما يمكن وصفه بـ”سياسة منهجية مرتبطة بجرائم إبادة جماعية” موجهة ضد الفلسطينيين، فيما دعا مفوضون حقوقيون أمميون إلى فتح تحقيقات دولية مستقلة لبحث هذه الانتهاكات.

فاقت حدود التصور

رئيس نادي الأسير، عبد الله الزغاري، شدد أن الفظائع التي مورست بحق الأسرى والمعتقلين بعد الإبادة تجاوزت حدود التصور، بدءا من جرائم التعذيب الممنهج، والتجويع، والجرائم الطبية، والاعتداءات الجنسية بما فيها جرائم الاغتصاب.

وبين، في تصريح صحفي تابعه المركز الفلسطيني للإعلام، أن الإفادات والشهادات لا تزال تكشف يوميا عن تفاصيل جديدة ومعلومات أكثر خطورة بشأن شكل الإبادة الجارية داخل سجون الاحتلال.

ويرى “الزغاري” أن اعتراف سلطات الاحتلال لـ”منظمة أطباء لحقوق الإنسان– إسرائيل” باستشهاد 94 أسيرا منذ بدء حرب الإبادة حتى شهر آب/ أغسطس 2025، ثم تسجيل أربعة آخرين بعد ذلك والإعلان عنهم ليرتفع العدد إلى 98، يشير بوضوح إلى أن العدد الحقيقي أعلى مما جرى الإعلان عنه ويتجاوز المائة، وهو عدد غير نهائي.

يذكر أنّ المؤسسات الحقوقية الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى تمكنت من توثيق والإعلان عن استشهاد 81 أسيرا ومعتقلا في سجون الاحتلال الصهيوني، منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة.

عقلية انتقامية

وقال مستشار هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربّه، إن الشهادات الأخيرة تُظهر تناميًا في استخدام أدوات القمع العنيف، من ضرب مبرح، وشدّ بالأصفاد، وإجبار الأسرى على أوضاع جسدية مؤلمة لفترات طويلة، ما تسبب في إصابات بليغة نقل بعض الأسرى على إثرها إلى المستشفيات.

ويرى، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن ما يجري يتجاوز حدود المعاملة القاسية ليصل إلى التعذيب المادي المباشر، وأن ما كشفه الأسرى والأسرى المحررون يعكس حجمًا غير مسبوق من الانتهاكات الجسدية والنفسية التي يتعرض لها الأسرى.

وأشار إلى أنّ عددًا من الأسيرات قدّمن روايات صادمة عن عمليات تنكيل وإهانات ممنهجة، وسط غياب أي رقابة دولية أو حقوقية داخل السجون الصهيونية.

وقال إن شهادات الأسيرات تؤكد أن إدارة السجون تتعامل بعقلية انتقامية بعد أحداث الحرب، وأن الهدف هو كسر الإرادة وليس فقط فرض السيطرة.

وأشار “عبد ربّه” إلى شهادات تتعلق بعمليات اعتداء وتهديد وابتزاز جنسي، بعضها وصل إلى حد الاغتصاب، وهو ما وصفه بأنه “انتهاك خطير يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي”، مشدّدا على ضرورة أن تدق هذه الشهادات ناقوس الخطر أمام المؤسسات الدولية.

وبيّن أن الاعتداء على الكرامة الإنسانية بات سلوكًا متعمدًا داخل مراكز التحقيق، موضحًا أن الأسرى يُجبرون على البقاء في ظروف مهينة، من العزل الطويل إلى الحرمان من دورات المياه، وصولًا إلى الإهانات اللفظية والتهديد المستمر.

وكشف “عبد ربّه” عن تدهور كبير ومتسارع في الأوضاع الصحية للأسرى، في ظل الإهمال الطبي المتعمّد ومنع الدواء والفحص الطبي، ما أدى لانتشار أمراض وإصابات غير معالجة بين صفوفهم، وقال إن حرمان الأسرى من العلاج لم يعد استثناءً، بل أصبح سياسة ثابتة.

ودعا “عبد ربه” المجتمع الدولي ولجان التحقيق الأممية إلى التحرك الفوري والضغط على الاحتلال لفتح السجون أمام لجان الرقابة المستقلة، مؤكدًا أن استمرار الصمت سيحوّل الانتهاكات إلى نهج دائم، مشددا أن “حقوق الأسرى ليست ملفًا إنسانيًا فحسب، بل قضية سياسية وأخلاقية تتعلق بكرامة الشعب الفلسطيني”.

وطالب المؤسسات الحقوقية بتوثيق كل شهادة تصل من داخل السجون، معتبرًا أن هذه الروايات تشكّل أدلة دامغة يجب أن تستثمر أمام المحاكم والمحافل الدولية لمحاكمة الاحتلال على جرائمه.

ما يجري مخيف ومروع

من جهته يرى الرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، أن الشهادات التي خرج بها الأسرى والأسيرات في الأسابيع الأخيرة تكشف مستوى غير مسبوق من العنف المنظم داخل السجون الصهيونية، مؤكدًا أن الاحتلال يستخدم التعذيب كأداة سياسية لمعاقبة المجتمع الفلسطيني بأكمله.

وقال، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، إن شهادات الأسيرات شكلت صدمة للرأي العام، بعد أن تحدثن عن تنكيل نفسي وجسدي، وعن محاولات إذلال تستهدف تحطيمهن إنسانيًا، مؤكداً أن ما تتعرض له الأسيرات يضع الاحتلال في دائرة الاتهام بارتكاب انتهاكات خطيرة تتناقض مع كل القوانين والأعراف الدولية.

وأشار فارس إلى أن روايات عديدة تحدثت عن اعتداءات جنسية وعمليات اغتصاب، مشدداً على ضرورة وجود تحقيق دولي عاجل، وقال إن “الجريمة الجنسية ليست فقط اعتداءً على جسد الأسيرة، بل محاولة لمسح إنسانيتها بالكامل”.

اقرأ المزيد عبر المركز الفلسطيني للإعلام:
https://palinfo.com/news/2025/11/22/982674/

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة