آخر الأخبار

عام 2025 بين سحب السلاح وترتيب البيت الفتحاوي: تحوّلات كبرى في المخيمات والساحة اللبنانية

8938141_1766940483

النشرة

يقفل العام 2025 فلسطينيًا على ملفات ساخنة وشائكة، بعدما كانت أيامه مثقلة بالأحداث ومليئة بالتحديات، وعنوانها الأبرز سحب السلاح الفلسطيني الثقيل والمتوسط من المخيمات للمرة الأولى، منذ عقود طويلة والتغييرات الجوهرية التي جرت داخل ​حركة فتح​، التي تُعتبر العمود الفقري لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية والحزب الحاكم للسلطة الوطنية.

ونجح التعاون المشترك بين السلطة الفلسطينية والدولة اللبنانية في سحب بعضه دون أي مشاكل أو إشكالات، بعدما بادرت حركة فتح إلى ذلك ترجمةً لزيارة قام بها الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ إلى لبنان (21 أيار 2025) ولقائه الرئيس ​جوزاف عون​، والاتفاق على تسلّم سلاح المخيمات كافة في إطار خطة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية، بما فيها المخيمات.

عملية تسليم السلاح أكدت قرارًا حاسمًا من القيادة السياسية والسلطة الوطنية بفتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق مع لبنان، والانتقال بالمخيمات من مرحلة العسكرة إلى المجتمع المدني الذي يقوم على احترام القانون وسيادة الدولة وبسط سلطتها على كافة أراضيها، مقابل إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية ولا سيما منها حق التملك والعمل.

لكن الخطوة أثارت انقسامًا فلسطينيًا غير مسبوق على خلفية عدم التنسيق المسبق في قضية حساسة ترتبط بقضية اللاجئين ورمزية المخيمات التي تُعتبر عنوانًا للجوء وحق العودة، وقد ذهب ضحيتها هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي كانت تُعدّ الإطار الجامع لكل القوى الفلسطينية، بما فيها حركتا فتح وحماس.

وقد تولّى عملية التنسيق الممثل الخاص للرئيس عباس، نجله ياسر، إلى جانب قائد قوات الأمن الوطني اللواء ​عبد خليل​، والسفير الفلسطيني الجديد ​محمد الأسعد​، بعد ترتيب البيت الفتحاوي عسكريًا وسياسيًا وتنظيميًا، شمل للمرة الأولى تعيينات قيادية جديدة، وأبرزها إعفاء السفير الفلسطيني ​أشرف دبور​ من مهامه الدبلوماسية والفتحاوية.

 

مراحل تسليم السلاح

وقد جرت عملية تسليم السلاح على أربع مراحل: الأولى في برج البراجنة بتاريخ 21 آب 2025، والثانية في مخيمات جنوب الليطاني: الرشيدية، البص، والبرج الشمالي بتاريخ 28 آب 2025، والثالثة في مخيمات بيروت: برج البراجنة، شاتيلا، ومار الياس بتاريخ 29 آب 2025، والرابعة من مخيمي “البداوي” في مدينة طرابلس شمالًا و”عين الحلوة” في مدينة صيدا جنوبًا بتاريخ 13 أيلول 2025، وجرت وسط أجواء هادئة وبعيدًا عن الإعلام.

وربطًا بالسلاح، أُثيرت خلال العام قضية إطلاق الصواريخ من الجنوب التي بدأت “مجهولة”، ثم تبيّن أن عناصر من حركة “حماس” هي من قامت بها دون التشاور مع القيادة السياسية، وقد تعهّد ممثل الحركة في لبنان ​أحمد عبد الهادي​ بالالتزام بتوصيات المجلس الأعلى للدفاع ومقرّرات الحكومة بعدم القيام بأي عمليات انطلاقًا من الجنوب، وبالعمل على تسليم المتهمين، وعدم لعب أي دور في تعكير صفو أمن أي من الدول العربية وعلاقتها مع لبنان، في إشارة إلى توقيف خلية “الإخوان المسلمين” في الأردن، حيث اعترف أعضاؤها بتلقي تدريبات على يد “حماس” في أحد المخيمات الفلسطينية.

 

تغييرات فتحاوية

وتزامنًا مع تسليم السلاح، شهدت حركة فتح تغييرات قيادية في إطار ترتيب “البيت الداخلي” عقب زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في 21 أيار 2025. وربطت مصادر فلسطينية بين الخطوة وبين اعتراض عدد من القياديين على تسليم السلاح بهذه السرعة ودون التشاور والبحث في التفاصيل، فيما رأت أخرى أنها تأتي لتثبيت النفوذ ومحاكاة المرحلة المقبلة في كيفية إدارة الحركة والمخيمات.

ولم تمضِ سوى أيام قليلة على الزيارة، حتى أصدر الرئيس محمود عباس، في 9 حزيران 2025، قرارًا بتشكيل لجنة عليا لمتابعة الشأن الفلسطيني في الساحة اللبنانية، التي باشرت عملها بتشكيل لجان فرعية لدراسة أوضاع الأطر التنظيمية والعسكرية والإعلامية وتقييمها، بهدف إجراء تغييرات جذرية تشمل إقالات، وإعفاءات، وتعيينات بديلة.

وفي المفاجأة الأولى، أصدر عباس، بصفته رئيسًا لحركة “فتح”، في 5 تموز 2025، قرارًا بإلغاء تعيين السفير أشرف دبور نائبًا للمشرف العام على الساحة الفلسطينية في لبنان، بعدما تولّى مهامه التنظيمية في 23 تموز 2018، بينما بقي في منصب سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية منذ كلّفه الرئيس عباس في الأول من كانون الثاني 2012.

وفي المفاجاة الثانية بعد أيام قليلة، جرى إعفاء السفير دبور من مهمته الدبلوماسية كسفير لدولة فلسطين في لبنان، وجرى تعيين السفير محمد الأسعد مكانه، وهو شغل منصب السفير الفلسطيني في موريتانيا، بعدما شغل مناصب دبلوماسية متعددة في أوكرانيا وروسيا وغيرهما طيلة عقدين من الزمن.

وفي المفاجأة الثالثة، جرى إلحاق وحدة “الأمن والحماية” التابعة لسفارة فلسطين في لبنان بقوات الأمن الوطني الفلسطيني في الساحة اللبنانية، بأفرادها وعتادها، وتعيين قيادة جديدة للامن الوطني الفلسطيني، ثم تعيين ميسر لها في لبنان العميد ​رائد داود​، بعدما قدم قائدها السابق اللواء ​صبحي أبو عرب​ استقالته بعد سنوات طويلة من الخدمة العسكرية.

ثم جرى حل إقليم الحركة في لبنان الذي كان يرأسه ​حسين فياض​، وجرت انتخابات المناطق الست على ثلاث مراحل، وشملت كل منطقتين معًا: الأولى الجمعة في 10 تشرين الأول الجاري في البقاع والشمال، والثانية السبت 11 منه في صيدا وبيروت، والثالثة في 12 منه في صور وعمّار بن ياسر، قبل أن تُتوَّج بانتخاب قيادة الإقليم في 19 منه في سفارة دولة فلسطين في بيروت، حيث تولّى الدكتور ​رياض أبو العينين​ أمانة سره، بعدما قدّم استقالته من منصبه كمدير لمستشفى الهمشري في صيدا التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

وبموازاة الخطوات الدبلوماسية والعسكرية والأمنية والتنظيمية، أصدر عباس قرارًا في 7 آب 2025، أكّد فيه أن مرجعية اللجان الشعبية في مخيمات لبنان، سياسيًا وقانونيًا وإداريًا، تعود إلى دائرة شؤون اللاجئين التي يترأسها رئيسها ​الدكتور أحمد أبو هولي​، باعتبارها الجهة المركزية المخوّلة بإدارة ومتابعة شؤونهم.

ولم يكتفِ القرار بذلك، بل منح الدائرة كامل الصلاحيات في ما يتعلّق بالاتصال والتواصل والتنسيق مع الجهات الرسمية اللبنانية بشأن إدارة المخيمات وعمل اللجان الشعبية، ودعا إلى إعادة هيكلة اللجان الشعبية مع مراعاة شروط التمثيل العادل والشامل لجميع القوى والفصائل الفلسطينية المنضوية تحت إطار المنظمة، بما يشمل معايير الكفاءة، والنزاهة، والالتزام الوطني لدى الأعضاء، إضافة إلى إشراك المرأة، والشباب، والكفاءات، والفعاليات المجتمعية والمدنية داخل المخيمات.

 

ولادة اللقاء التشاوري

وقوبل هذا بولادة “اللقاء التشاوري الوطني الفلسطيني” (تشرين الثاني 2025) الذي يضم “حماس” والتحالف و”الجبهة الشعبية” التي علقت مشاركتها في المنظمة، والقوى الإسلامية و”أنصار الله” و”التيار الإصلاحي” لحركة “فتح” بقيادة العميد محمود عبد الحميد عيسى “اللينو”.

وقد جاءت ولادة “اللقاء” بهدف توحيد موقف هذه القوى على رؤية مشتركة في كيفية التعاطي مع قضايا اللاجئين في مخيمات لبنان ولا سيما ملف السلاح الفلسطيني، بعد تعثر التفاهم مع حركة “فتح” وفصائل منظمة التحرير التي بادرت لتسليمه للدولة اللبنانية، وبينما خلصت الرؤية لضرورة تنظيمه لا سحبه، ضمن آلية تقوم على التنسيق والتعاون المشترك، في محاولة لإيجاد توازن بين متطلبات السيادة اللبنانية ومقتضيات الأمن وبين إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني. قبل أن تعلن “حماس” انها لا تملك سلاحا ثقيلا في أي من المخيمات.

وفضلت الجبهة الديمقراطية عدم الانخراط في اللقاء، على قاعدة أن الأولوية يجب أن تُعطى لإعادة تفعيل هيئة العمل المشترك بدل استحداث أطر جديدة من شأنها تعميق الانقسام وإرباك المشهد الفلسطيني. وباشرت حراكا سياسيا من أجل توحيد الموقف الفلسطيني أو التوصل إلى قواسم مشتركة على أقل تقدير، في ظل الانقسام العمودي والحاد بين “فتح” وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية و”حماس” وتحالف القوى الفلسطينية.

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة