لاجئ نت
في قلب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، تتفاقم أزمة كهرباء تُنذر بكارثة إنسانية، حيث يغرق آلاف السكان في ظلام دامس، مع تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة على حياتهم اليومية. البنية التحتية المتهالكة وانقطاع التيار الكهربائي الحكومي شبه الكلي يدفعان العائلات اليائسة نحو فواتير مولدات خاصة لا تطاق، في مشهد يعكس عمق المعاناة الاقتصادية التي تضرب المخيم ولبنان ككل.
واقع مرير: ساعتان من الكهرباء مقابل فواتير باهظة
لا تختلف شهادات سكان المخيم في وصف الوضع المزري. فالكهرباء الحكومية، التي لا تتجاوز ساعتين إلى أربع ساعات يومياً، تُجبر الأسر وأصحاب المحال على اللجوء إلى مولدات خاصة باتت تكلفتها عبئاً لا يُحتمل. “نحن أصحاب المحال في السوق لا نستفيد من كهرباء الليل. نعتمد على المولدات وأسعارها مرتفعة. لا أستطيع تركيب طاقة شمسية، ولكن لا يمكنني الاستغناء عن المولد”، تقول إحدى صاحبات محلات الخضار، مضيفةً: “أضطر لإطفاء وتشغيل البرادات بالتناوب لمنع تلف الخضار، وهذا مرهق جداً. نطالب بحل جذري من المسؤولين اللبنانيين”.
تتسع دائرة المعاناة لتشمل أرباب الأسر الذين يواجهون صعوبة بالغة في توفير أبسط مقومات العيش. يروي أحد السكان، وهو صاحب محل سكاكر، أن “العمل ساعات طويلة بالكاد يكفي لسداد إيجار المنزل واشتراك المولد الكهربائي وتأمين دواء لابنتي يكلف 180 دولاراً شهرياً”. ويصف الوضع بـ”الحرب النفسية”، مشيراً إلى أن فاتورة المولد يمكن أن تصل إلى 150 دولاراً شهرياً، وهو مبلغ ضخم مقارنة بدخولهم المحدودة.
شبح البطالة وارتفاع تكاليف التشغيل: دائرة مفرغة
تتفاقم الأزمة بفعل ارتفاع معدلات البطالة داخل المخيم، حيث يجد الكثيرون أنفسهم بلا مورد ثابت. وحتى من يحصلون على عمل، فإن رواتبهم الزهيدة بالكاد تسد الاحتياجات الأساسية.
من جانبهم، يبرر أصحاب المولدات ارتفاع الفواتير بزيادة أسعار الوقود، وتكاليف الصيانة الباهظة، ورواتب الموظفين. يقول أحد المشغلين: “نتمنى أن تزودنا الدولة بالكهرباء أساساً، فليس هناك نظام كهربائي مستقر… نطالب الجهات المعنية وأصحاب القرار بإصلاح كهرباء مخيم عين الحلوة”.
صيف لاهب يزيد الطين بلة: الكهرباء ليست ترفاً
مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تزداد الحاجة إلى الكهرباء للتبريد والتكييف، مما يعني ارتفاعاً حتمياً في فواتير المولدات. ففي مخيم مكتظ بالمنازل المتلاصقة، تصبح الكهرباء ضرورة قصوى وليست ترفاً. يجد اللاجئون أنفسهم محاصرين بين ضيق الأحوال المادية وحتمية دفع فواتير باهظة لخدمة أساسية غابت عنها الدولة والجهات المعنية.
هذه الأزمة المتجذرة في عين الحلوة تتطلب تدخلاً عاجلاً من كافة الجهات الرسمية الفلسطينية واللبنانية والدولية لإيجاد حلول مستدامة تضمن حق اللاجئين في حياة كريمة، بدلاً من تركهم يصارعون في ظلام لا ينتهي.