آخر الأخبار

الضغط لنزع سلاح “حزب الله” امتدادٌ لمشروع “أمريكي-صهيوني” يستهدف لبنان

AP24221569792543-1724593337

مازن كريّم -قدس برس

في ظل تصاعد الحديث عن مستقبل سلاح “حزب الله” في لبنان، وسط ضغوط غربية وإقليمية وداخلية متباينة، حذّر الكاتب والمفكّر اللبناني، معن بشور، المنسق العام لـ”الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة”، من خطورة أي محاولة لنزع سلاح المقاومة، معتبرًا أنّ “ذلك يشكّل “مقدمة لسيطرة (إسرائيلية) شاملة على المنطقة، وركنًا أساسيًا في مشروع فتنة داخلية تهدّد وحدة لبنان وسلمه الأهلي”.

وقال بشور، في تصريح خاص لوكالة “قدس برس” اليوم الثلاثاء، إنّ “حزب الله لا يمتلك السلاح من أجل السلاح، بل من أجل مقاومة مشروع صهيوني عدواني لا يستهدف لبنان وحده، بل الأمة كلها”، لافتًا إلى أن “الضغط اليوم على المقاومة يتقاطع مع أجندات دولية تسعى لتجريد العرب من أي وسيلة ردع، تمهيدًا لإخضاعهم كليًا لإرادة العدو”.

محاولات متكرّرة لزعزعة المعادلة

وأشار إلى أن “هذا المشروع ليس جديدًا”، موضحًا أن “كل الضغوط منذ عام 2005 حتى اليوم، من المحكمة الدولية، إلى اتهام المقاومة بالاغتيالات، إلى القرار 1559، إلى العقوبات الأميركية المتواصلة، كلها تندرج في سياق واحد: ضرب المقاومة وعزلها عن بيئتها”.

واعتبر بشور أن “كل فتنة تُحاك للبنان عنوانها الظاهر نزع السلاح، لكن مضمونها الحقيقي هو استهداف وحدة لبنان الداخلية، وفتح الباب أمام تسويات على حساب ثوابت الأمة”.

وأضاف:”الفتنة تبدأ عندما يتم الحديث عن سلاح المقاومة بمعزل عن المشروع الصهيوني، وعندما يُحوَّل الخلاف السياسي إلى صراع طائفي ومناطقي يخدم فقط أعداء الوطن”.

العرب والمقاومة: غياب الموقف الموحّد

وانتقد بشور ما وصفه بـ”الصمت العربي القاتل” تجاه ما تتعرض له المقاومة من حصار إعلامي وسياسي، معتبرًا أن “السكوت العربي اليوم، الرسمي والشعبي، يشجّع العدو على الاستمرار في عدوانه، سواء في لبنان أو في فلسطين أو في أي بقعة من الوطن العربي”.

وأشار إلى أن “الحديث عن نزع سلاح المقاومة في لحظة تتعرض فيها غزة للإبادة، ويواجه فيها لبنان تهديدًا دائمًا، هو قمة الانفصام الأخلاقي والسياسي”، متسائلًا: “هل المطلوب من لبنان أن يكون مكشوفًا أمام أي عدوان؟ وهل يُطلب من المقاومة أن تسلّم سلاحها دون أي ضمانة بحماية الوطن؟”.

الوحدة الداخلية أولًا

ودعا بشور إلى ضرورة “الحفاظ على الوحدة الداخلية كأولوية، مهما اختلفت التوجهات والمواقف”، مؤكدًا أن “المقاومة لم تكن يومًا مشروع هيمنة داخلية، بل هي صمّام أمان للبنان”.

ولفت إلى أن “حزب الله، رغم كل ما يُقال عنه، لم يستخدم سلاحه في الداخل، إلا في لحظات اضطرارية لحماية الاستقرار العام، وتفادي انهيار الدولة”.

وأكد أن “ما يواجهه لبنان اليوم هو مشروع فتنة، يستهدف سلاح المقاومة أولًا، لكنه لن يتوقف هناك، بل سيمتد نحو كل عناصر القوة في المجتمع، من الجيش إلى القضاء إلى الإعلام المستقل”.

وشدّد على أن “لبنان اليوم أمام اختبار وطني حقيقي”، مضيفًا: “إما أن نحافظ على عناصر قوتنا، وفي طليعتها المقاومة، ضمن حوار داخلي يحفظ الاستقرار، أو نفتح الباب أمام المجهول والهيمنة الخارجية والانهيار الكامل”.

من جهته، قال الصحفي والباحث الليبي في الشأن السياسي الدولي، إدريس أحميد، إن “لبنان يعيش لحظة حاسمة في ظل تصاعد الجدل حول سلاح حزب الله”، مؤكدًا أن “نزع هذا السلاح دون ضمانات وطنية حقيقية سيقود البلاد إلى فتنة داخلية، ويخدم المشروع الصهيوني التوسعي”.

وفي حديث خاص لـ”قدس برس”، أشار أحميد إلى أن “لبنان يقف عند مفترق طرق، أمام أزمة نزع سلاح حزب الله، التي تتداخل فيها اعتبارات السيادة، والمواقف الطائفية، والضغوط الخارجية، ليجد اللبنانيون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ”.

وأوضح أن “الخيار الأول يتمثل في المضي نحو نزع سلاح الحزب، وهو ما يرفضه الحزب بقوة”، معتبرًا سلاحه جزءًا من استراتيجية الدفاع عن لبنان، في ظل استمرار التهديدات “الإسرائيلية”.

ورأى أن “رغم هذا الرفض، فإن الحزب لطالما أكد أنه لن يدخل في مواجهة مع الجيش اللبناني، في موقف يعكس حرصًا على السلم الأهلي، ويُحسب له في ميزان التقدير الوطني”.

وأشار إلى أن “الحزب سجّل مواقف توفيقية مهمّة في لحظات مفصلية، منها موافقته على انتخاب الرئيس ميشال عون، وقبوله بتكليف تمام سلام تشكيل الحكومة، في وقت كانت فيه موازين القوة تميل لصالحه، وهذا ما يؤكد أن نهج الحزب كان حريصًا، في أوج قوته، على استقرار المعادلة اللبنانية، وعدم الزج بالبلاد في صدام داخلي”.

أما الخيار الثاني، في حال الفشل في تحقيق النزع، فقد اعتبر أحميد أنه “قد يُستخدم من قبل بعض القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، كذريعة لفرض ضغوط متزايدة تخدم الأجندة (الإسرائيلية)، وتسعى لبث الفتنة وزعزعة الداخل اللبناني”.

وحذّر من أن هذا السيناريو “يحمل مخاطر كبيرة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد، واعتمادها على دعم خارجي مشروط بالاستقرار السياسي والأمني”.

وأكّد أحميد أن “العدوان (الإسرائيلي) لم يكن يومًا موجّهًا ضد طرف دون آخر، بل هو يستهدف كل لبنان وسلامة أراضيه، والمشروع الصهيوني، بما يحمله من توسعية وهيمنة، لم يعد خافيًا على أحد”.

وأضاف: “لا يُتوقع من أي لبناني وطني أن يقبل بخضوع بلاده لمعادلات مفروضة من الخارج أو بسيطرة (إسرائيلية) غير مباشرة، وهو احتمال بات مطروحًا في حال نُزِع سلاح المقاومة دون ضمانات حقيقية”.

الخلاصة: الحكمة أو الانهيار؟

وأكّد أن “تجاوز هذه الأزمة لا يكون إلا عبر حوار وطني صادق وشامل، يوازن بين ضرورات السيادة ومتطلبات الحماية، ويضع حدًا لتوظيف الخارج للانقسام الداخلي”.

وشدّد على أن “لبنان اليوم بحاجة إلى حكمة أبنائه وارتقائهم فوق الاصطفافات، من أجل إنقاذ البلاد من فتنة جديدة، ورسم مسار مستقر يحفظ وحدة الدولة ويصون كرامة الجميع”.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه لبنان تجاذبًا سياسيًا وإعلاميًا متصاعدًا بشأن ملف “سلاح حزب الله”، وسط دعوات من بعض الأطراف الداخلية والدولية لنزعه، مقابل رفض الحزب القاطع لأي مساس بسلاحه، الذي يعتبره جزءًا من استراتيجية الدفاع الوطني.

وكانت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى قد مارست ضغوطًا متكررة على الحكومة اللبنانية في السنوات الأخيرة، مطالبة بإخضاع كل السلاح لسلطة الدولة، فيما يرى مراقبون أن توقيت هذه الضغوط مرتبط بتطورات إقليمية تتعلق بالصراع مع الاحتلال، والحرب المستمرة على غزة، واحتمال توسع المواجهة على الجبهة الشمالية.

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة