المصدر: الأخبار اللبنانية
على هامش المداولات التي جرت مع المبعوث الأميركي توم برّاك حول ملف الجنوب ومصير السلاح، شدّد الأميركيون على ضرورة أن تكون عملية نزع السلاح جديّة وشاملة لكل المجموعات التي تجاهر بالعداء لإسرائيل. ولفت برّاك، إلى جانب مسؤولين آخرين من دول غربية وعربية، إلى أن إسرائيل لم تعد تميّز بين جهة وأخرى من أعدائها، إذ رغم تركيزها في الحرب الأخيرة على حزب الله، نفّذت عمليات استهداف لكوادر وعناصر من فصائل المقاومة الفلسطينية، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وأوضح الأميركيون أن على لبنان إقناع الفلسطينيين في الجنوب بتسليم أسلحتهم، وصولاً إلى مرحلة اعتبار المخيمات الفلسطينية الممتدّة من نهر الأولي حتى الحدود الدولية الجنوبية خالية من أي سلاح أو مجموعات مسلّحة.
وبحسب المتابعين، ركّز الضغط الذي شاركت فيه السعودية والإمارات على إجبار الفلسطينيين في مخيمات الرشيدية والبص وبرج الشمالي والقاسمية وعين الحلوة والمية ومية، بتنسيق خطة لإخلاء المخيمات بالكامل من أي نوع من الأسلحة. وتدعم الجهات الدولية المرحلة الأولى التي تشمل الأسلحة القادرة على الوصول إلى إسرائيل، مثل الصواريخ والقذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة المُصنّفة ضمن الدفاع الجوي، إلى جانب العمل الأمني لتفكيك مصانع ومخارط لصناعة الطائرات المُسيّرة، مع اتهام حركة حماس بإقامة مثل هذه المصانع داخل المخيمات.
وفي سياق الضغط لتسليم هذه الأسلحة، جرى ترديد تحذيرات بأن عدم الالتزام سيعرّض المدنيين الفلسطينيين في المخيمات لخطر كبير. وتطوّر الأمر ليصبح أكثر وضوحاً، إذ أشير مباشرة إلى أن إسرائيل لن تراعي المخيمات في لبنان بعد اليوم، وأنها كما تطارد كوادر ومقاتلين من الفصائل المعادية لها، ستستهدف المخيمات في أي حرب جديدة، دون مراعاة للتمييز بين مناطق مدنية وعسكرية، مع التهويل على الفلسطينيين بأن إسرائيل ستدمّر مخيماتهم كما تفعل اليوم في غزة والضفة الغربية.
ولاحظت جهات معنية أن وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وبدعم مباشر من الحكومة الألمانية، تنفّذ مشاريع لشراء أو ضم عقارات في مناطق إقليم الخروب وشمال لبنان، مع خشية من تحويل هذه الأماكن إلى مساكن بديلة لأبناء المخيمات الواقعة جنوب نهر الأولي. وربطت هذه الجهات بين التقليص المتسارع لخدمات «الأونروا» في لبنان وهذا المشروع، معتبرة أن هناك من يوافق في أوروبا ولبنان على خطة لتهجير سكان المخيمات في الجنوب نحو مناطق أخرى، تخضع بالكامل لسلطة الدولة اللبنانية ويُمنع أيّ وجود مسلح فيها.
في هذا السياق، بدأ نشاط إدارة وكالة «الأونروا» في لبنان يأخذ بعداً أمنياً واضحاً. ويبدو أن المديرة الحالية دوروثي كلاوس تحظى بدعم مباشر من سفارات غربية، تتصدّرها ألمانيا. ويشير المراقبون إلى أن هناك ضغوطاً تُمارس على السلطات الأمنية اللبنانية لتوسيع دائرة التعاون مع الوكالة، وهو ما تجلّى أخيراً في قيام استخبارات الجيش اللبناني بأول عملية قمع من نوعها، حين تمّ توقيف عدد من الشبان الفلسطينيين من المخيمات كانوا يحاولون تنفيذ اعتصام أمام مقر «الأونروا» في بئر حسن.
ويُشار إلى أن البعد الأمني لعمل كلاوس ظهر واضحاً خلال التحقيقات التي أجرتها مع فتح شريف أبو الأمين، الموظّف السابق في «الأونروا»، والذي اغتاله العدو مع زوجته وابنيهما في غارة جوية استهدفت منزله في مخيم البص نهاية أيلول 2024، ونعته حركة «حماس» لاحقاً.
وكان شريف فُصل من «الأونروا» على خلفية انتمائه إلى «حماس»، وجرت وساطات عدة لمعالجة وضعه، وتمّ الاتفاق على أن يعقد اجتماعات بعيدة عن الإعلام مع كلاوس، كان آخرها قبل نحو عشرة أيام من اغتياله.
خلال هذه الفترة، استجوبه فريق إدارة «الأونروا» في لبنان، وكانت المفاجأة حين أظهرت كلاوس وفريقها ملفاً أمنياً تضمّن «داتا» اتصالاته الشخصية، وهو ما يُفترض أن لا يُحصل عليه إلا بإذن قضائي مرتبط بملف جنائي وليس باتهام سياسي، ما كشف عن وجود دعم أمني محلي وخارجي لكلاوس التي تدير حملة تصفية للوكالة في لبنان كجزء من مشروع إنهاء ملف اللاجئين فيه، بما في ذلك خطوات تحمل طابعاً رمزياً، لكنها تعكس توجّهها السياسي، مثل إغلاق مدرسة فلسطين في مخيم برج الشمالي، حيث تبيّن أن القرار مرتبط فقط باسم المدرسة، وليس بتقليص النفقات وإنهاء عمل أكثر من 100 مدرّس.