آخر الأخبار

مجزرة عين الحلوة.. هل تحاول إسرائيل إعادة رسم المشهد في المخيمات الفلسطينية بلبنان؟

9-2

في مشهد يعيد فتح جراح الفلسطينيين في لبنان ويعمّق القلق على مستقبل المخيمات، تعرّض مخيم عين الحلوة مساء الثلاثاء لغارة إسرائيلية مفاجئة أسفرت عن استشهاد 13 فلسطينيًا وعشرات الجرحى، معظمهم من الفتيان الذين كانوا يمارسون الرياضة داخل ملعب مغلق، بعيدًا عن أي نشاط عسكري أو أمني.

الهجوم، الذي جاء في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، لم يُقرأ بوصفه اعتداءً منفصلًا، بل كحلقة جديدة ضمن سلسلة استهدافات تستهدف المدنيين وتوسّع دائرة العدوان خارج غزة، في محاولة لفرض وقائع جديدة على المنطقة، سميا بعد قرار مجلس الأمن الأخير.

ملعب يتحوّل إلى ساحة مجزرة

وزارة الصحة اللبنانية أعلنت مساء الثلاثاء ارتفاع عدد الشهداء إلى 13، مؤكدة أن طواقم الإسعاف عملت لساعات طويلة وسط حالة من الفوضى والدمار ونقل المصابين إلى مستشفيات صيدا والمناطق المجاورة.

مصادر في حركة حماس نفت بشكل قاطع المزاعم الإسرائيلية حول استهداف عناصر أو قيادات داخل المخيم، مؤكدة أن القصف أصاب مدنيين فقط.

شهود عيان من داخل المخيم أكدوا للمركز الفلسطيني للإعلام أن الضربة استهدفت ملعبًا مغلقًا (ميني فوتبول) يرتاده شبان المخيم بشكل يومي، مشددين على أن المكان ليس معسكر تدريب ولا يُستخدم لأي غرض خارج إطار الرياضة.

وقال أحد الشهود: “كنا عم نلعب… كل شيء كان طبيعي. فجأة صار الصوت رهيب، الشباب كلهم وقعوا. ما في سلاح، ما في تدريب… ملعب بس”.

وقال آخر: “الملعب معروف، مليان أولاد كل يوم. الاحتلال اخترع قصة التدريب ليبرّر قصف مدنيين عم يلعبوا كرة قدم”.

وأكد الشهود أن معظم الضحايا من الفتيان الذين لم تتجاوز أعمارهم العشرين عامًا، وأن حجم الانفجار حوّل المكان إلى ساحة دمار كاملة.

الفصائل: جريمة مكتملة الأركان ومحاولة لكسر إرادة المخيمات

الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة الشمال دانت الغارة بشدّة، ووصفت ما حدث بأنه “عدوان سافر وجريمة مكتملة الأركان” تهدف إلى كسر إرادة اللاجئين وترهيب المخيمات التي ما زالت تمثل عنوانًا للثبات والتمسك بالحقوق الوطنية، وفي مقدمتها حق العودة.

وأعلنت الفصائل يوم الأربعاء يوم حداد شامل، مع تعطيل المدارس ورياض الأطفال وتنكس الأعلام وقراءة الفاتحة عن أرواح الشهداء.

بدوره، اعتبر مكتب الشهداء والأسرى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الاستهداف يشكّل “عملاً إجراميًا” وانتهاكًا صارخًا للأعراف الدولية، محمّلًا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الدماء التي سالت.

محاولة لضرب رمزية اللجوء

من جهته، قال علي هويدي، رئيس الهيئة 302 للدفاع عن شؤون اللاجئين، إن الاحتلال تعمّد استهداف مكان يعد متنفسًا لشباب المخيم، معتبرًا أن الهدف هو ضرب رمزية اللجوء الفلسطيني ومحاولة محو المخيمات التي بقيت شاهدًا على نكبة الشعب الفلسطيني.

وشدد هويدي في تصريح لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام على أنه لا توجد أي معسكرات تدريب في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأن الفلسطينيين فيها ملتزمون بالسلم الأهلي وعدم التدخل في الشأن اللبناني.

الغارة مرتبطة بمناخ دولي بعد قرار مجلس الأمن

المفكر والكاتب اللبناني معن بشور رأى أن الغارة لا يمكن فصلها عن السياق السياسي الذي أعقب قرار مجلس الأمن الأخير حول غزة، معتبرًا أنها ترجمة عملية لخطة تستهدف إنقاذ الاحتلال من مأزقه بعد “التخبط” الذي يعيشه أمام المقاومة هناك.

وأشار بشور إلى أن استهداف أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني يحمل رسالة خطيرة، هدفها زرع الفتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين، وفي ما بينهم، بما يتماشى مع سياسة التفتيت التي اعتمدها المشروع الصهيوني تاريخيًا.

ودعا بشور الأنظمة العربية والإسلامية إلى اتخاذ موقف سياسي وعسكري واقتصادي واضح لمواجهة هذا التصعيد.

وبما لا يدع مجالاً للشك أن المجزرة التي ارتُكبت في مخيم عين الحلوة هي محطة فارقة في سياق التصعيد الإقليمي ومحاولة إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة