آخر الأخبار

منى أبو عمارة… الدبلوماسية التي تحمل فلسطين بهدوء العارفين وثبات الموقف

whatsapp-image-2025-11-25-at-11-02-23-am-1764061361

بقلم : عصام الحلبي

في زمن يزدحم بالضجيج السياسي والصراع الخطابي، تظهر أصوات قليلة قادرة على فرض حضورها بهدوء وبناء وتكريس تأثيرها عبر الإقناع، من بين هذه الأصوات تبرز السفيرة منى أبو عمارة، التي تُعد اليوم من أبرز الوجوه الدبلوماسية الفلسطينية في أوروبا بعد تعيينها سفيرة لدولة فلسطين لدى الجمهورية الإيطالية عام 2025.

وُلدت أبو عمارة عام 1979 في أسرة فلسطينية مثقفة، وعاشت طفولتها متنقلة بين الوطن والمهجر، ما منحها قدرة مبكرة على فهم الثقافات المختلفة دون فقدان البوصلة الفلسطينية، كما شكل هدوءها وقدرتها على استيعاب الاختلاف ووعيها بقيمة الإنسان في بناء المواقف.

درست العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وأكملت دراسات عليا في السياسات العامة والدبلوماسية الحديثة، مع برامج تدريبية متخصصة في القانون الدولي، إدارة الأزمات، الدبلوماسية العامة والتواصل السياسي، ما شكّل قاعدة متينة لأسلوبها المهني القائم على التحليل العميق والخطاب الراشد.

قبل التحاقها بوزارة الخارجية الفلسطينية، عملت في مؤسسات تنموية وحقوقية، ما أتاح لها فهم المجتمع الفلسطيني ومفاصل التأثير في الفضاء الدولي، ومع الوزارة برزت بسرعة بسبب مهاراتها في التواصل وصياغة الرسائل السياسية وإدارة الملفات المعقدة، قبل أن تُعيَّن سفيرة ورئيسة البعثة الفلسطينية في كندا.

في كندا، نجحت أبو عمارة في بناء قنوات رسمية مع صناع القرار، استعادة حضور الصوت الفلسطيني في المؤسسات الأكاديمية، وقامت بتعزيز العلاقات مع الجالية الفلسطينية والجاليات العربية، والدفاع الهادئ والمنظم عن الرواية الفلسطينية، ليبرز أسلوبها المعروف والءي يجمع بين الثقة في الموقف والخطاب الإنساني وإعادة تعريف فلسطين بعيدًا عن القوالب السياسية الجامدة.

مع تعيينها سفيرة في إيطاليا، وسعت أبو عمارة حضورها في البرلمان ومجلس الشيوخ، والبلديات والمؤسسات المحلية، وفي الجامعات ومراكز الفكر،ومع الجاليات الفلسطينية والعربية، ومنظمات المجتمع المدني، مستخدمة الأدب والفن والتراث ولغة الإنسانية كأدوات فعّالة للتأثير.

ويصف مراقبون أسلوبها بأنه مزيج من العمق السياسي القائم على القانون الدولي وحقوق الإنسان، والحضور الإنساني الذي يضع الإنسان في صلب الرواية الفلسطينية، والحس الاجتماعي الذي يربط الدبلوماسية بالمجتمع، والثبات الوطني الذي يجعل مواقفها واضحة لا لبس فيها.

حققت السفيرة أبو عمارة خلال مسيرتها إنجازات عدة في كندا وإيطاليا وأوروبا، من بينها تعزيز مكانة البعثة الفلسطينية، إحداث نقلة في لغة الخطاب الفلسطيني، بناء شبكة علاقات واسعة، إعادة إحياء الدبلوماسية الثقافية، تمثيل المرأة الفلسطينية في المناصب القيادية، وتقديم نموذج دبلوماسي حديث قائم على المهنية والهدوء والثبات الوطني، كما تولّت مهامها مؤخرًا كممثلة دائمة لدولة فلسطين لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، لتعزيز التعاون الدولي في دعم الزراعة والأمن الغذائي الفلسطيني.

السفيرة منى أبو عمارة ليست مجرد ممثلة دبلوماسية، بل نموذج متكامل للدبلوماسية الفلسطينية الحديثة، تجمع بين المهنية والهدوء، العمق السياسي والحضور الإنساني، والحس الاجتماعي والثبات الوطني، وتنقل صورة فلسطين بواقعية وكرامة، معتمدة على الحوار والمعرفة والثقة بالمواقف، لتكون صورة المرأة الفلسطينية التي تحمل وطنها في خطابها وتجعل من الدبلوماسية أداة للوعي والتأثير الإيجابي في العالم.

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة