آخر الأخبار

مباني مخيم شاتيلا خطرة على اللاجئين الفلسطينيين نتيجة إهمال الصيانة

1_3

إنتصار الدنان

وسط شوارع مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومبانيه المكتظة والمتآكلة، تظهر قصص يومية عن مخاطر تتسلل بصمت إلى حياة السكان. مبانٍ شيّدت قبل عقود باتت مهددة بالسقوط، وصيانة غائبة بين تقاعس المالكين وفوضى الإعمار وتجاهل الجهات المعنية. في أحد هذه المباني القديمة الذي يعرف باسم “مبنى زيدان”، يعيش سكان في قلق كبير بعدما تحوّلت الشقق التي كانت ملجأً لعائلات فقيرة إلى مصدر خطر يهدد سلامتهم.
يقول محمد زيدان، أقدم سكان المبنى، والذي يحمل اسم عائلته، ويسكن في شقة يملكها منذ 35 سنة، إنه “مرّ مستأجرون كثيرون، وبقيت أنا في المبنى المؤلّف من ثمانية طوابق و16 شقة، وهو مهمل حالياً، والمشكلة الأساس أن أشخاصاً من خارج المخيم اشتروا شققاً بسعر منخفض وصل إلى عشرة آلاف دولار، وسلموها لأشخاص لتأجيرها من دون أن يهتموا بصيانتها. شخصياً، أملك الطابق الأول، ووضع بيتي جيد في الداخل والخارج، لأنني أملكه وأسكن فيه، وأرممه باستمرار”.

يتابع: “في المبنى سكان من عدة جنسيات، سوريون ولبنانيون وفلسطينيون، والمشكلة الأكبر في ترميم درج المبنى الذي أكلته الملوحة والمياه. قبل أيام شعر أحد الشباب بخطر فترك الشقة وبحث عن بيت آخر لأنه غير مهتم بالمكان بصفته مستأجراً. لا صيانة في المبنى المعرض لخطر، خصوصاً أن مياه الشتاء تنزل مباشرة على الدرج، والأملاح تأكل الخرسانة”.
ويضيف: “قبل فترة سقط حجر على رأس شاب كان يصعد الدرج، ولحسن الحظ لم يُصب بأذى. أزلت مع سكان الأجزاء الأخطر التي تهدد السلامة العامة، لكن هذا ليس حلاً، بل أن يأتي المالكون وينفذوا أعمال ترميم. أنا ومالكو الشقة في الطابق الرابع لا نستطيع تحمّل كلفة الترميم وحدنا، التي قد تصل إلى ألفين أو أربعة آلاف دولار لكل شقة، والظروف المعيشية صعبة. وبالنسبة إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لا تتدخل في موضوع صيانة المنازل، واللجنة الشعبية لا تملك ميزانية للصيانة”.
ويقول عاهد بهار، وهو مسؤول في اللجنة الشعبية التابعة لمنظمة التحرير في مخيم شاتيلا: “ما ترونه اليوم من مشاكل في المباني هو نتيجة الإهمال والبناء العشوائي والملوحة الموجودة في المخيم. يلوم كثيرون اللجنة الشعبية، لكن الحقيقة أن أحداً لا يلتزم تعليماتها. كل شخص بنى على هواه، بلا تراخيص ولا إشراف، حتى أصبحت المباني مكوّنة من ثمانية أو تسعة طوابق، رغم أنها مصممة لأربعة فقط”.

يتابع: “نفذنا عملنا بصفتنا لجنة شعبية. أصدرنا تحذيرات، ووضعنا إخطارات على مبنى زيدان تحديداً، وجاء مهندس كشف عليه، وأكد أنه خطر، لكن ذلك لم يؤثر بالسكان الذين لم يغادروا، لأن الإيجارات رخيصة، أو لأن لا مكان آخر يقصدونه. خرجت بعض العائلات، وبعضها لا يزال في المبنى رغم الخطر. لتفادي الكارثة، يجب فرض إشراف حقيقي على أي عملية بناء، ومنع التعديات العشوائية، وتحديد عدد الطوابق، لكن المخيم تُرك بلا متابعة لسنوات، فوصلنا إلى هذا الوضع”.
وفي شأن مبنى آخر سقطت أجزاء منه في المخيم، قال السوري خالد: “الحادثة التي شهدها المبنى كانت صادمة. سقطت شرفة في شكل مفاجئ، ما أثار حالة هلع، إذ اعتقد الجميع أن صاروخاً انفجر في المكان. ارتفعت الصرخات في أرجاء المبنى، لكن لحسن الحظ لم يُصب أحد بأذى. المبنى المؤلف من تسعة طوابق شُيّد قبل عشرين عاماً، وتآكل حديده بفعل الملوحة والرطوبة. ورغم الخطر لا يزال معظم السكان فيه، وغالبيتهم من السوريين الذي يتمسكون بالبقاء بسبب عدم وجود بديل”. ويؤكد خالد أن “أونروا مطالبة بالتدخل ومراقبة هذا النوع من المباني قبل أن تحصل كارثة حقيقية”.

ويؤكد الشيخ عامر من مخيم شاتيلا أن الجهة الأولى التي يجب محاسبتها هي أصحاب المباني، ويوضح أن “المشكلة الأساس لا تتعلق بفوضى الإعمار فقط، بل بتسرّب المياه المالحة من أعلى المبنى إلى أسفله، ما يتسبب في تآكل الأساسات والجدران. ومعظم عمليات البناء في المخيم عشوائية وينفذها أشخاص غير مقيمين فيه، وبالتالي لا يهتمون بالمبنى، بل بقبض إيجارات الشقق فقط”. يضيف: “عدد المالكين المقيمين في المخيم قليل جداً، ويؤجّر البعض شققهم لأي شخص من دون رقابة أو اهتمام بالصيانة. همّهم الوحيد تحصيل الإيجار نهاية الشهر، حتى لو انهار المبنى”.
ويسأل الشيخ عامر: “يقولون: أخلوا البيوت. لكن إلى أين؟ ولماذا تتحرك الجهات المسؤولة بعد الحادث، وليس في أثناء مراحل البناء؟ المسؤولية تقع على جميع الأطراف من دون استثناء”.

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة