العربي الجديد- انتصار الدّنّان
أصبحت تقليصات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كبيرة، وبات اللاجئون محرومين من العلاج والأدوية الضرورية
أصيبت اللاجئة الفلسطينية أم محمد، المتحدرة من مدينة صفد، والتي تقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا جنوبي لبنان، بمرض السرطان الذي ألزمها البقاء في المستشفى لتلقي العلاج. وحالياً لم تعد تستطيع توفير المال لمتابعة هذا العلاج، في حين لا تكفي الأموال التي تتلقاها من الأيادي البيضاء التي تمد يد العون إليها، في ظل تراجع تقديمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تأثرت بتقليص الدعم. وبالطبع ليست أم محمد الوحيدة التي تأثرت بذلك فغالبية المرضى الذين يقصدون عيادات “أونروا” للاستشفاء باتوا لا يحصلون على العلاج اللازم.
تقول سلام دودار التي تقيم في مخيم برج البراجنة ببيروت، وتعيش وحدها بلا معيل بالاعتماد بالدرجة الأولى على ما يقدمه خيرون لها لـ”العربي الجديد”: “أنا مريضة بالسكري والربو، وأتعالج تحديداً في عيادة أونروا بالمخيم، لكنني لا أحصل على أدوية حالياً لأنها مفقودة في العيادة. وبت لا أستطيع شراء العبوة الخاصة بعلاج مرض الربو والتي يبلغ ثمنها ثلاثة ملايين وسبع مئة وخمسين ألف ليرة (30.7 دولاراً)، أما دواء السكري فسعره مليونا ليرة (22 دولاراً) لذا أنتظر من يقدم لي ثمنهما لي وأيضاً أموال الزكاة خلال شهر رمضان. وفي باقي الأشهر أتحمّل وجعي، فأنا أستطيع بالكاد شراء خضار وأسكن بيتي من دون أن أدفع اشتراك كهرباء وإنترنت الذي أحصل عليه للتواصل مع من أعرفهم حين أنزل إلى الشارع وأشبك الإرسال من عند الجيران. أما بالنسبة إلى الكهرباء فجيراني يضيئون لي لمبة واحدة، وأنتظر كهرباء الدولة كي أغسل وأستحم، وهي تنقطع أياماً طويلة”.
ولأن الأدوية مفقودة في عيادات “أونروا” يموت مرضى بسبب عدم استطاعتهم شراءها أو أيضاً بسبب عدم القدرة على إجراء صور مهمة وفحوصات تمهد لتشخيص الحالات الطبية في شكل دقيق. وتقول كلثوم محمد الشولي، المتحدرة من بلدة الشيخ داود بفلسطين وتقيم في مخيم برج البراجنة ببيروت لـ”العربي الجديد”: “خضعت لعمليات عدة في القلب شملت تركيب راسورات وعمل بالون وتمييل، كما أنني مصابة بمرض السكري وبالديسك في ظهري، وأحتاج إلى دواء في شكل دائم، وهو حالياً غير موجود في عيادة أونروا وقيمته نحو 100 دولار. ولأنني لا أستطيع شراء هذا الدواء لا أتعالج، وأتحمّل أوجاعي الشديدة جداً في الأساس، أما أدوية الملوحات ودواء كونكور الخاص بالضغط فموجودة في عيادة أونروا”.
تتابع: “أتلقى العلاج بالأدوية ذاتها منذ عشرين سنة لكنها غير موجودة حالياً. أسأل من أين سأحصل على بقية الأدوية وأنا لا أملك ثمنها؟ زوجي في الثمانين وهو لا يعمل، وأولادي يكفيهم بالكاد ما يحصلون عليه لتأمين احتياجات أولادهم وإيجار بيوتهم. والحقيقة أن ابنتي كانت تعمل وتساعدنا في توفير مصروف البيت قبل أن تتزوج، ثم باتت عاطلة من العمل منذ أن أنجبت ولدين وجاءت لتعيش معنا. أيضاً لدي ولد لا يرى بعينه بسبب إصابته بمرض السكري، لذا لا يستطيع العمل. وضعي صعب وأتعالج فقط بما تقدمه أونروا لي، والدواء الذي لا أستطيع تأمينه أتحمّل وجعه”.
وتقول ليلى التي تقيم في مخيم عين الحلوة، وتتحدر من حيفا بفلسطين لـ”العربي الجديد”: “لم نعد نعرف ماذا نقول وإلى من نذهب. أصبحت تقليصات أونروا كبيرة جداً، وهي تحرمنا من الأدوية الضرورية واللازمة وتلك للأمراض المزمنة. أنا مريضة بالسكري والضغط وأحتاج إلى دواء في شكل دائم، وليس لنا غير أونروا التي لم تعد تقدم لنا هذا العلاج كما كانت تفعل سابقاً، وأنا امرأة كبيرة في السن، وليس عندي معيل، فزوجي متوفى ولم أرزق بأولاد، لذا أعيش وحدي بالاعتماد على الراتب الضئيل الذي تركه لي من منظمة التحرير. وهذا المبلغ لا يكفي لتسديد احتياجات البيت، لذا أشتري مرات الدواء إذا زاد معي شيء من الراتب، أما إذا لم يبقَ شيء فأبقى بلا دواء. أطالب المعنيين بأن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني الذي تقطعت به السبل، فلا أعمال ولا خدمات، كما تقلصت التقديمات التي كانت توفرها أونروا للناس، ولم يعودوا يحصلون على الدواء الذي لا يستطيع أي شخص الاستغناء عنه، وأيضاً على المبلغ المادي الذي كانت تقدمه أونروا كل ثلاثة أشهر، وهو 50 دولاراً يساعد في تسديد بعض الاحتياجات الضرورية. أتمنى أن يضغط المعنيون على أونروا كل يقدموا خدمات العلاج والدواء للفلسطينيين”.