آخر الأخبار

الاعلام الفلسطيني في لبنان أمام تحديات المرحلة وتوجهات العهد الجديد

9999485184-1

عبد معروف
بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 وانسحاب مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، تراجع دور الاعلام الفلسطيني إلى حد كبير، بعد أن غادرت مؤسسات إعلامية عالية التأثير والمستوى من بيروت، وكان أبرزها: مركز الابحاث، والتخطيط، وفلسطين الثورة والهدف والحرية، والاعلام الموحد والاعلام الجماهيري.
ورغم تفاقم الأوضاع الانسانية الفلسطينية وحالات الفقر والعوز، واندلاع الحروب والمجازر والحصار وعمليات القتل التي استهدفت الفلسطينيين ومعارك الاقتتال والانقسام بين الفصائل الفلسطينية إلا أن الاعلام الفلسطيني في لبنان لم يكن مواكبا بشكل فعلي هذه التطورات الانسانية والاجتماعية والأمنية، وفي حال كانت هناك لمعات إعلامية داخل المخيمات الفلسطينية إلا أنها كانت دون تأثير يذكر، فوقع الاعلام الفلسطيني بالعجز والشلل وعدم القدرة على التأثير.
كان لهذا العجز والتراجع الاعلامي أسبابا كثيرة لابد من الاشارة لها:
– لأن وسائل الاعلام الفلسطينية في لبنان، ناطقة بإسم فصائل متناحرة ومتصارعة في خياراتها السياسية وتعاني من أزمات داخلية، ما انعكس سلبا عن الميدان الاعلامي وانشغال الاعلام بالصراعات الداخلية على حساب قضايا الشعب والوطن.
– ولأن معظم الذين عملوا في وسائل الاعلام الفلسطينية في لبنان(مع تقديري للصحفيين والاعلاميين المحترفين) كانوا أقل من هواة،ودخلوا مجال العمل نتيجة الرغبة أو بناء لقرار مسؤول، فغاب الكادر الاعلامي، وغاب الاحتراف والدقة والاتقان في العمل وغابت المهنية ، والمميزات التي يتمتع بها الصحفي .
– لأن معظم القيادات المحلية الفلسطينية لم تعي دور الإعلام وأهميته، وإن كان لديها بعض الاهتمام فإنها وظقته لمصلحتها وصورها وبروزها، وبالتالي اقتصر معظم الاعلام على خدمة القائد المحلي بعيدا عن الوعي والتحريض والحشد الوطني.
كما أن التطور التقني والاجهزة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي دفع الكثير من الاميين والجهلة من الفلسطينيين (كغيرهم في العالم طبعا)إلى صدارة العمل الصحفي والاعلامي، دون تأهيل ودون تطوير لماهية الاعلام والصحافة، فكانت مواقع التواصل الاجتماعي فرصة لتسلق الجهلة والاميين إلى عالم الصحافة.
أمام هذا الواقع الفلسطيني في لبنان منذ العام 1982 ، لم يكن هناك إعلاما فلسطينيا (لا وسائل إعلام ولا إعلاميين إلا القلة)على مستوى التطورات والمسؤولية ولا بمستوى قدسية القضية الفلسطينية ولا بمستوى تطوراتها، وبقي الاعلام والاعلاميين عاجزين عن تشكيل أطار يجمعهم ، لأنهم يعلمون أنهم أقل من المستوى وبالتالي إن أي جمع سيكشف العيوب والثغرات، ذلك لأن معظم الاعلاميين لم يحملوا الصفة إلا بقرار أو بدعم ورعاية قائد محلي .
اليوم، مع توجهات العهد اللبناني الجديد، وأمام مرحلة جديدة يعيشها لبنان، ونظام جديد بدعم عربي ودولي، هناك تحديات إجتماعية وإنسانية متفاقمة يتعرض لها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، فإن اللاجئ الفلسطيني بانتظار المزيد من عمليات الضبط والربط العسكري والسياسي والاجتماعي والانساني، ما يفرض على الاعلاميين والصحفيين ووسائل الاعلام الفلسطينية تحديات جديدة.
لا شك بأن المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في لبنان، تتطلب إعلاما فاعلاً ومؤثراً:
أولاً: لما للإعلام من دور في معالجة قضايا الشعوب، وتحشيد الرأي العام وتسليط الأضواء على حقائق الأمور .
ثانياً : لأنّ وسائل الإعلام خاصة الفلسطينية في لبنان، لم تستطع حتى الآن أن تلعب هذا الدور، وعملت على أن تكون إعلاماً سطحياًّ وهامشيّاً، دون البحث في عمق الواقع وأساسه، ولم تبحث في عمق الأحداث والمعاناة وخلفياتها وما هي أسبابها. ولم تستطع التعمّق في توصيف الحالة.
من هنا، وبما أنّ للإعلام كل هذه المسؤولية ، على وسائل الإعلام الفلسطينية أن تكون إعلام الشعب وتسلط الضوء على معاناته، ولا تسبح بالشعارات والخطابات.
وعلى الإعلام الفلسطيني، أن يلعب دورا مؤثرا في تحليل الواقع، وتحديد الأسباب والخلفيات والدوافع والأطراف المسببة لما يعيشه اللاجئ من أزمات، والأطراف العاجزة وغير القادرة على المعالجات، و التحذير من استمرار هذا الواقع وطرح المعالجات لواقع من الطبيعي أن يعمل المعنيون على تغييره والحد من تداعياته.
ذلك لأنّ حركة الإعلام العفوية والسطحية، لا يمكن لها تشريح هذه الازمات وليس في مقدورها معالجتها، لأن الإعلام ناظم ومنظم لوعي الشعب وتنظيمه، ومصدر وعي القيادات ومصدراً لأصحاب القرار .
= إنه الاعلام الوطني القادر عن تشريح المعاناة الانسانية والاجتماعية التي يتعرض لها اللاجئ الفلسطيني وتعاني منها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
= إنه الاعلام المهني والاكاديمي رفيع المستوى الذي يمكن له أن يقوم بمهمته بكل دقة ومعرفة واطلاع ومتابعة.
= إعلام يدفع باتجاه تشكيل لجان واتحادات وروابط صحفية وإعلامية فلسطينية تعمل على جمع الطاقات وتنظيم الصفوف ومعالجة الأزمات التي يتعرض لها الصحفي الفلسطيني.
= إنه الاعلام الملتزم بالقوانين اللبنانية، ويعمل على بلورة رأي عام مساند للقضايا الانسانية ويتمكن من تنظيم أوسع العلاقات بين المؤسسات الاعلامية الفلسطينية، وتعزيز العلاقات على المستوى اللبناني أيضا.
فالاعلام الفلسطيني في لبنان ورغم أهميته وتزايد عدد “الاعلاميين ” ووسائل الاعلام ، إلا أنه مازال يعاني من أزمة حادة ليس من المتوقع أن يخرج منها قبل التخلص من أسبابها، وفي مقدمتها وعي القيادة السياسية لأهمية الإعلام ودوره، ورعاية الكتاب والصحفيين بعيدا عن الخلافات والحساسيات، والعمل على تأهيل وتدريب ورفع مستوى الهواة من الذين أدخلوا إلى وسائل الاعلام وتشكيل إطار وطني إعلامي ديمقراطي يجمع الاعلاميين على ميثاق شرف هدفه الالتزام بقضايا الشعب والوطن حتى لو بقي الكاتب والصحفي كما قال الشهيد حنا مقبل “يكتب لفلسطين بالدم” أو بلقمة العيش أحيانا .

حالة الطقس

حالة الطقس

جارٍ تحميل بيانات الطقس...

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة