في خطوة لتوحيد الصف الفلسطيني وترتيب البيت الداخلي، ناقشت مجموعة من الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان (إطار تحالف القوى الفلسطينية، الجبهة الشعبية الفلسطينية، إطار القوى الإٍسلامية، وحركة أنصار الله الإسلامية) على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية جملة من القضايا المتعلقة بالوضع الفلسطيني، والموقف من عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك. وقد تم التوافق على “رؤية فلسطينية مشتركة” لمعالجة شاملة لقضايا اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.
تكتسب هذه الرؤية أهمية خاصة لعدة أسباب: أولاً، لأنها تحظى بتوافق واسع من معظم الفصائل الفلسطينية، مما يجعلها أقرب إلى إجماع وطني. ثانيًا، لأنها توجّه رسالة واضحة للمجتمع اللبناني، تعبّر عن مواقف مسؤولة وتشجّع على الحوار والتفاهم. ثالثًا، لأنها تأتي في لحظة سياسية دقيقة، في ظل تطورات إقليمية ومحلية فلسطينية ولبنانية، مما يضفي على مضمونها بُعدًا استراتيجيًا هامًا.
تؤكد الوثيقة، ، على التزام الشعب الفلسطيني في لبنان بسيادة لبنان وقوانينه وأمنه واستقراره، بما يعني عدم القيام بأي عمل يمس الأمن القومي اللبناني. وتأتي هذه الرؤية انطلاقاً من الإيمان الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية، والتمسك بحق العودة إلى فلسطين بعد تحريرها، ورفضاً قاطعاً للتوطين والتهجير والوطن البديل. وتسعى الفصائل من خلالها لتحقيق مصالح الشعبين اللبناني والفلسطيني الشقيقين على قاعدة الحقوق والواجبات.
عناصر مقاربة شاملة ومتكاملة:
شددت الرؤية على أن مقاربة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يجب أن تكون بموقف فلسطيني موحد، تجسده “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، التي تضم كافة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية. وأكدت على أن هذه المقاربة ينبغي أن تكون شاملة، تغطي الجوانب الإنسانية والقانونية والسياسية، وليست أمنية فقط.
من النقاط المحورية في الوثيقة ضرورة العمل لإقرار ومنح الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتحسين أوضاعهم المعيشية بما يحقق لهم العيش الكريم. كما تؤكد الرؤية على التمسك بوكالة “الأونروا” كشاهد على حق العودة وقضية اللاجئين، وباعتبارها المكلفة من الأمم المتحدة بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى العودة، داعية إلى توحيد الموقف والجهد اللبناني والفلسطيني لدعم بقائها وتثبيت دورها.
تنظيم السلاح بالتنسيق مع الجيش اللبناني:
فيما يخص الجانب الأمني داخل المخيمات، نصت الرؤية على أن إدارة الوضع الأمني وضبطه ستكون من مسؤولية “القوة الأمنية المشتركة” في كل مخيم، وبإشراف “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، وبالتنسيق الكامل مع الجيش ومخابرات الجيش اللبناني. وفي نقطة تعتبر جوهرية، أوضحت الوثيقة أن “السلاح داخل المخيمات يتم تنظيمه وضبطه، عبر القوة الأمنية المشتركة، وبإشراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وبالتنسيق مع الجيش ومخابراته”.
وإضافة إلى ذلك، أفادت الرؤية بأن إدارة العمل المدني والإنساني والمعيشي تتم عبر اللجان الشعبية الموحدة، وبإشراف “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، وبالتنسيق والتعاون مع الوزارات والهيئات الرسمية المعنية.
تنتظر الفصائل الفلسطينية حواراً لبنانياً فلسطينياً جاداً وبناءً حول هذه الرؤية، لتحويلها إلى خطة عمل تنفيذية، برعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي أشادت الوثيقة بمواقفه ومقارباته المسؤولة والحكيمة لقضايا الشعب الفلسطيني في لبنان.