حسن لافي
المعارضة الإسرائيلية مفكَّكة، والنخب ضعيفة، والجنرالات خارج اللعبة، وهذا يعني أن نتنياهو لا يواجه تهديداً حقيقياً حالياً. وهذا يمنحه فرصة أكبر لتنفيذ مشروع “إسرائيل الجديدة” الدينية القومية من دون مقاومة فعالة.
نجاح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في احتواء الأزمات الإسرائيلية الداخلية المتفاقمة، موقتاً، لا يعني أن “إسرائيل” ستحافظ على استقرارها، بل ربما نشهد تحولاً بنيوياً طويل الأمد يؤثر بالتأكيد في “إسرائيل” وشكلها وطبيعتها في المستقبل، فتلك الأزمات تعبير عن صراع عميق داخلياً بين تيارين:
الأول: اليمين الديني القومي المتطرف، والذي يريد “إسرائيل جديدة” دينية، لا حضور لليبرالية فيها (ديموقراطية) متحالف مع اليمين القومي العلماني (من يدور في فلك حزب الليكود). وسهّل هذا التحالف مصلحة نتنياهو، شخصياً وسياسياً.
الثاني: التيار الليبرالي، الذي بات يسمى تيار الوسط، وتحالفه مع قادة بقايا اليسار الإسرائيلي، ومعهم الناقمون من اليمين العلماني على نتنياهو كشخصية فاسدة. وهذا التيار يمثّل “إسرائيل” القديمة، كما أسسها دافيد بن غوريون، ويحاول المحافَظة على شكلها السياسي السابق.
نتنياهو، من خلال شخصيته وقدرته على المناورة، وفهمه العميق للمزاج الشعبي الإسرائيلي، وعلاقاته الوطيدة بالأميركيين، ساسةً ومجتمعاً، يُعَدّ رمانة الميزان بين كل هذا الاستقطاب، وعاملاً مهماً في إدارة الأزمات وعدم انفلاتها، من خلال قدرته على ضبط الإيقاع بين التيارين. وحتى في ظل الأزمات الأخيرة، فإن نتنياهو، بدهائه وخبرته، لم يحرق الجسور بين الطرفين، حتى مع ترجيح التحليل القائل إنه سيستطيع تخطي أزماته الداخلية ويبقى في الحكم، نتيجة أسباب، أهمها:
1. أنانية الأحزاب وقادتها:
كل زعيم معارض يسعى لمصلحته الشخصية، بدلاً من تشكيل جبهة موحَّدة ضد نتنياهو.
نتنياهو يستغل هذا الانقسام، ويعيد خداعهم في كل مرة، عبر اللعب بورقة “الأمن القومي”.
2. انهيار الثقافة السياسية والوعي الشعبي:
نتنياهو نجح في خلق بيئة عدائية ضد النخب الأكاديمية واليسارية، الأمر الذي جعل الشارع الإسرائيلي غير مكترث للقيادات الفكرية والعلمية، بل يَعُدّها “خائنة” أو “ضعيفة”.
هذا يقلّل فرص ظهور قادة جدد لديهم الشرعية الجماهيرية لمواجهة التيار اليميني المتطرف، وخصوصاً الديني.
3. إضعاف نفوذ الجنرالات والمؤسسة العسكرية:
الجيش كان دائماً مؤثراً في السياسة الإسرائيلية، لكن نتنياهو سحب هذه الورقة، عبر قانون يمنع الجنرالات المتقاعدين من دخول السياسة فوراً، الأمر الذي أدى إلى فقدانهم التأثير الشعبي بمجرد خروجهم من الخدمة. أضف إلى ذلك استغلال نتنياهو كارثة السابع من أكتوبر في إحداث تغييرات جوهرية داخل بنية الجيش، الأمر الذي يجعله أكثر انصياعا للمستوى السياسي، وأضعف دوره في صنع القرارات المصيرية.

هل تجد “إسرائيل” دولة أفريقية تقبل بمُخطّط التهجير؟
2 نيسان 11:07

بعوض وعبيد وشاويش في العصر الإسرائيلي كيف يحدث ذلك؟
2 نيسان 09:59