كتب عصام الحلبي
في رقعة جغرافية لا تتجاوز الكيلومتر المربع، يحتشد ما يقارب 65 ألف لاجئ فلسطيني في مخيم عين الحلوة، حيث تُختصر المأساة في زحمة الأرواح والبيوت والأنفاس.
شارعان رئيسيان يشقان جسد المخيم كضلعين ضيقين يتنفسان بالكاد. كانا في ما مضى متّسعين نسبيًا، أما اليوم فصارا بالكاد يتسعان لمرور سيارة واحدة، بينما يجد المارّة أنفسهم يتسللون بين العوائق كمن يعبر متاهة من الحديد والبلاستيك والخردة.
الزحف العمراني الذي فرضه ضيق المكان وازدياد عدد السكان لم يترك شبرًا إلا وابتلعه. كل سنتيمتر بات غنيمة تُقتطع لتشييد غرفة أو بناء ملحق أو حتى مد بسطة. لا رصيف يُحترم، ولا ممر يُراعى، وقد استُبيحت الشوارع فصارت جزءًا من المحال التجارية التي تمد بسطاتها على الإسفلت كأذرع طويلة تبحث عن رزق.
أما الجهات المختصة، فحضورها لا يتجاوز حدّ المراقبة الصامتة، عاجزةً أمام تمدّد الفوضى، مكتفيةً بدور المتفرج على مشهد يختزل أزمة عمرها عقود.
في عين الحلوة، لا تكمن المأساة فقط في الاكتظاظ، بل في العجز المتراكم، في القهر اليومي الذي يسير على قدمين وسط الزحام، وفي صمت الجهات المعنية أمام فوضى صنعتها الحاجة وتواطأت معها اللامبالاة.