شُيّع جثمان الشهيد الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري رئيس هيئة الأركان العامة اليمنية في العاصمة صنعاء اليوم الاثنين 20 تشرين الأول/أكتوبر 2025، في موكب جنائزي رسمي وشعبي مهيب، تقدمه مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، والقائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، وعدد من محافظي المحافظات وأعضاء مجلسي النواب والشورى ومشايخ اليمن وقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات مدنية واجتماعية، وأعيان وجموع غفيرة من المواطنين.
وحمل نعش القائد الجهادي الكبير الذي لُفّ بالعلم اليمني، على عربة عسكرية، وأحاطت به ثلة من ضباط حرس الشرف، حاملين صور الشهيد، فيما كانت الموسيقى العسكرية تعزف الألحان الجنائزية الحزينة.
وشهد جامع الشعب وميدان السبعين، حشودًا جماهيرية غفيرة من العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات الذين توافدوا منذ الصباح الباكر، للمشاركة في التشييع، مرددين هتافات العهد بمواصلة الطريق الذي رسمه الشهيد الغماري، فيما كانت فرق التشييع واللجان التنظيمية تستقبل الوفود وتشكل صفوفًا متراصة بعناية، للتنظيم لمراسم التشييع.
وخلال التشييع، عبر مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، عن أحر التعازي لقائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والقيادة السياسية وحكومة التغيير والبناء والشعب اليمني والأمة الإسلامية وأسر الشهداء بارتقاء كوكبة من الشهداء العظماء على طريق القدس جهادًا في سبيل الله ونصرة للمستضعفين من عباد الله.
وشدد شرف الدين على أن “المصاب الجلل والعظيم، لا ينبغي أن يثنينا عن مواصلة دربنا في نصرة المظلومين والمستضعفين من عباد الله، والجهاد في سبيله، حتى نلقى الله وهو راضٍ عنا، والمسألة الثانية أن ما حصل من جهة بعض المرتزقة والعملاء في تعاونهم مع العدو الصهيوني الغاصب وكل من يسير في هذا الفلك، فإن الحق جلّ وعلا قال فيمن يتعامل مع الأعداء ضد الإسلام والمسلمين أنه مرتد”.
وأشار إلى أن الواجب الديني يقضي بالتبليغ عن أي متعاون مع العدو، وإخبار السلطات المعنية بهذا الشأن، “لأن التستر والسكوت عن المنكر، هو منكر بحد ذاته ويُعد مشاركة كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم “من أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ”. مؤكدًا أنه لا يجوز التستر على أولئك المجرمين، ولا على الظالم والمفسد الذي عُلم فساده وظلمه.
بدوره عبّر القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء العلامة محمد مفتاح عن تعازيه للسيد الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى والمجاهدين العظماء في القوات المسلحة والأمن، وأبناء الشعب اليمني وأسرة الشهيد ورفاقه الشهداء.
وقال: “في هذا الموقف المهيب نودّع علمًا بارزًا من أعلام الأمة وشخصية متميزة ومتفردة من رموز وعظماء هذه الأمة، الشهيد المجاهد محمد عبدالكريم الغماري، الذي نشأ على مبدأ الجهاد وتميز بسمو النفس والإخلاص لله سبحانه وتعالى ولقيادته”.
ورأى العلامة المفتاح، الشهيد “أنموذجًا للمجاهد المخلص الصادق المتفاني في أداء واجبه، كتب الله له الانتصارات العظيمة، وكان في مقدمة الصفوف وفي مقدمة الردع، يتحمل مسؤولية عظيمة وجسيمة وكبيرة في مواكبة الميدان وفي بناء المؤسسة العسكرية، التي وصل بحمد الله في جهوده مع زملائه ورفاقه إلى أرقى وأعلى مستوى من العطاء فيها، ولم يترك المؤسسة العسكرية إلا وهي في أوج عطائها وتألقها وهي بحمد الله قد وصلت إلى الطموح الذي يطمح إليه كل حر في هذا الشعب وفي هذه الأمة”.
وقال: “الشهيد الغماري من أكثر اليمنيين معرفة لليمن، ولكل موقع في البلد سهولها وجبالها وسواحلها وجزرها، طاف البلاد ومر على مختلف مواقعها ومواضعها ومن أكثر الناس معرفة برجالات وبأسر وبعظماء وشهداء اليمن باعتبار موقعه ومكانته التي كان فيها كرئيس لهيئة الأركان العامة وكركن رئيس في هذه الملحمة الإيمانية اليمانية العظمى”.
ولفت إلى أن “الشهيد كان قائدًا عسكريًا فذًا، ومتميزًا في الجانب الاجتماعي وله الدور الاجتماعي المهم واهتماماته في الوضع السياسي، وهو صاحب الدور التنموي واهتم بكل تفاصيل حياة المجتمع اليمني، عاش مع الشعب اليمني كل لحظة ودقيقة من حياته، وكان في منتهي التفاني والاهتمام ولم يترك لحظة يستطيع أن يقدم فيها شيئاً لشعبه وأمته إلا وقدمها بكل إخلاص”.
أضاف العلامة المفتاح: “يكفي الشهيد شرفًا أو مكانة عند الله، أنه من قادة هذه الملحمة الكبرى التي سطرتها الأمة في وجه أعتى طواغيت الدنيا ويكفيه شرفًا ومكانة أن كل أشرار العالم اشتركوا في مؤامرة قتله واستشهاده، وتحالف الشرّ العالمي هو الذي استهدف هذا القائد العظيم صاحب المكانة الرفيعة والمهابة في جهاده وعطائه”.
وأكد المشيعون، أن استشهاد القائد الجهادي الفريق الركن محمد الغماري، خسارة للقوات المسلحة بوجه خاص واليمن بشكل عام لدوره الكبير بناء القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها وصنوفها العسكرية، جمع بين الاحتراف العسكري والبصيرة الاستراتيجية والبعد الإنساني.
وأشاروا إلى أن غياب القائد الغماري جسديًا لن يثنِ عزيمة القوات المسلحة اليمنية والشعب اليمني في مواصلة الدرب والمضي على طريق الشهداء حتى تحقيق النصر على الأعداء.
وأشاد المشيعون بتضحيات الشهيد الغماري ومواقفه المشرفة في مواجهة قوى العدوان الأمريكي، السعودي، الإماراتي، والصهيوني وكذا تضحيات الشهداء كافة والتي أثمرت نصراً في مختلف جبهات العزة والبطولة والكرامة.
واختتمت مراسم التشييع بإقامة صلاة الجنازة على جثمان الشهيد الفريق الركن محمد عبد الكريم الغماري، ومن ثم ووري في ثرى روضة الشهيد الصماد بميدان السبعين في العاصمة صنعاء.