آخر الأخبار

الانهيار العربي العام وانعكاساته على القضية الفلسطينية

0b595d24-302b-4b80-a903-289e53a79f07

عبد معروف

القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، لكنها ليست هي قضية العرب الوحيدة، فالشعب العربي بكل فئاته وأقطاره وقطاعاته، يعاني إلى جانب الصراع مع الاحتلال في فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة، يعاني أيضا الانقسام والصراعات الداخلية والفقر والتشرد، والتخلف والجهل إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة والأمية وهجرة الأدمغة .
فمعاناة العرب تأتي نتيجة طبيعية للاحتلال المباشر للأراضي العربية ليس لفلسطين فحسب، بل لأراضي عربية أخرى، ونتيجة طبيعية للسيطرة الخارجية ونهب الثروات الطبيعية، ما أدى إلى حالة الانهيار في الوضع العربي العام، وأدت بالتالي إلى عدم القدرة على المواجهة في ميادين القتال وعدم القدرة على التنمية والتطور الاقتصادي والصناعي.
وبنظرة شاملة للأوضاع العربية العامة، نرى الاحتلال الإسرائيلي مدعوم من الادارة الأمريكية يعربد ويمارس العدوان ويرتكبت المجازر وعمليات القتل والتدمير والاغتيال ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، ونرى الصراعات وحالات الانفصال والانقسام والفوضى والتشرذم والحروب والمجازر وحالات التشرد والتهجير التي ترتكب في الأقطار العربية،(ليبيا والسودان واليمن، والعراق، وسوريا، الصومال) ونرى ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتسول والهجرة غير الشرعية بقوارب الموت.
وهذا الانهيار انعكس على مفاصل الحياة العربية في مختلف أقطارها وميادينها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع العربي مع الحركة الصهيونية المدعومة من الامبريالية الأمريكية.
أولا لأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا والعدو الصهيوني المدعوم أمريكا هو عدو العرب جميعا، ففلسطين أرض عربية والشعب الفلسطيني جزء من أمته العربية.
ثانيا أن وجود كيان عنصري فاشي في المنطقة العربية يشكل خطرا على تطور الشعوب العربية وتقدمها وازدهارها ويشكل سببا مباشرا لفقرها ونهبها وتخلفها وانقسامها.
فالمعركة مع الكيان العنصري في المنطقة هي معركة العرب جميعا، وليس من المعقول أن تدافع غزة عن شرف أمة بأكملها في وقت ومن الطبيعي أن يدافع شرف الأمة عن قطاع غزة.
فالهزيمة والتراجع الذي تعرض له الفلسطينيون كان نتيجة طبيعية لحالة الانقسام الفلسطيني والعربي، فلا يمكن لغزة أن تنتصر أمام عدو فاشي موحد بمعسكره وأدواته وشرف الأمة يمضي ليلته في المطاعم والفنادق وقاعات المؤتمرات المكيفة، والمطلوب للأسف أن تدافع غزة عن شرفهم.
المشهد القائم والقاتم لا يدفع لليأس والفرار من الميادين، بل يدفع إلى الانتفاض والثورة بشكل أكثر وعيا وتنظيما ووحدة، ثورة تقودها قوى ثورية صلبة تعمل على حشد الطاقات وتنظيم الصفوف وإعادة فلسطين إلى موقعها الطبيعي في سياق وحدة حركة التحرر العربي الهادفة إلى مواجهة الاحتلال وحلفائه وتحرير الأراضي المحتلة، والتخلص من القواعد العسكرية المنتشرة فوق الأراضي العربية، وتحرير الثروة العربية من النهب والسيطرة.
هي معركة واحدة أمام عدو واحد له أهداف واحدة، ولا يمكن الانتصار عليه بحفنة من الأبطال الفدائيين في غزة بل على أحزاب وقوى العرب أن تخوض ميادين الصراع المختلفة وتدعم بعضها بعضا، بالتخلص من الوجود الامريكي وتحرير الثروة والتطور الفكري وتحويل المجتمع العربي من مجتمع متسول إلى مجتمع صناعي وزراعي منتج، وحده الكفيل بتحقيق النصر.
هل هذا ممكن؟
طبعا ممكن، لكنه يتطلب قوى ثورية عربية ترفض الواقع القائم وتنتفض عليه وتعمل على مواجهته، ليس في ميادين القتال العسكرية فحسب، بل في ميادين الثورة لمواجهة طبقات الفساد واسقاط نظم العجز والفساد والاستبداد، قوى ثورية من مهماتها العمل وسط الجماهير الشعبية ترفع من مستوى وعيها وتعمل على تنظيمها وحشد طاقاتها.
غير ذلك، فالهزيمة ستتبعها هزائم، والمجزرة ستتبعها مجازر والاحتلال سيبقى على عدوانه وعربدته، وسيبقى جميعنا في قاع المرحلة نراقب شاشات الفضائيات ونتلقى أخبار الصراعات الدموية والفقر والمجازر في مختلف الأقطار العربية ونتابع بأسف عربدة عدوان الاحتلال صباح كل يوم .

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة