آخر الأخبار

حرمان الممرضين الفلسطينيين من العمل.. آخر تقليعات المنع في لبنان

9acb2d043b49c3f372dafea91a065ace

يواجه عدد كبير من الطلاب الفلسطينيين المقيمين في لبنان، الذين اختاروا دراسة التمريض أملاً في العمل داخل المستشفيات الخاصة، صعوبات متزايدة نتيجة القرارات والإجراءات التي تمنعهم من الحصول على إذن مزاولة المهنة، ما يهدّد مستقبلهم المهني ويحوّل سنوات دراستهم إلى عبء بلا جدوى.

ففي السابق، كانت وثيقة مزاولة المهنة تُمنح لمدة سنتين قابلة للتجديد، إلا أن التعديلات الصادرة عام 2022 جعلت الوثيقة محصورة بسنة واحدة فقط، ولا تُمنح لغير اللبنانيين إلا بشرط تقديم المستشفى ما يثبت حاجته إلى ممرضين، مع تأكيد عدم تقدّم أي لبناني للوظيفة، وهو شرط يكاد يكون مستحيلاً التحقيق.

إحدى الممرضات الفلسطينيات تقول إنها بدأت تدريبها في أحد المستشفيات بعد تخرجها بامتياز من جامعة مرموقة، قبل أن تُفاجأ برفض منحها إذن المزاولة.

وتوضح -وفق تقرير لصحيفة العربي الجديد-: “تفوقتُ وحصلت على جوائز، لكن كل هذا لا قيمة له أمام شرط الجنسية. أُجبرت على التوقف عن التدريب، ولا أستطيع العمل في لبنان ولا في الخارج بسبب القيود الجديدة”.

خريجة أخرى من الجامعة الأميركية في بيروت تقول: “اخترت التمريض لأنه المجال الوحيد المسموح لنا كفلسطينيين، لكن القرار الجديد أغلق هذا الباب أيضًا. ولدت في لبنان، وأمي لبنانية، ومع ذلك نُعامل كأننا غرباء”.

هذه الشهادات تعكس حجم الظلم الواقع على الممرضين الفلسطينيين، وتكشف عن منظومة تمييزية تُقوّض حقهم في العمل وتضعهم في حالة هشاشة دائمة.

ممارسات تمييزية

بدوره، قال سامي حمود مدير منظمة ثابت لحق العودة إن الظروف التي يمر بها الممرضون الفلسطينيون في لبنان “بلغت مرحلة غير مقبولة”، معتبرًا أن هذه السياسات “تمثل اعتداءً واضحًا على حقهم في العمل اللائق والأمان المهني وتهدد كرامتهم الإنسانية”.

وأضاف حمود في تصريحات لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام أن المؤسسات الصحية خلال السنوات الأخيرة اعتمدت ممارسات تمييزية تتراوح بين حرمان الممرض الفلسطيني من فرص التوظيف، وتخفيض الأجور، وحرمانه من الضمانات المهنية، وصولًا إلى الفصل التعسفي.

وأكد أن هذه السياسات “خرق صارخ لمعايير حقوق الإنسان وتُبقي هذه الفئة المهنية في وضع هشّ وغير مستقر”.

وتابع حمود مطالبًا الجهات الرسمية والهيئات النقابية بالتدخل العاجل، وداعيًا إلى وقف التعامل مع المؤسسات الصحية التي تعتمد سياسات تمييزية.

كما دعا إعادة صياغة اتفاقيات العمل بما يضمن تكافؤ الفرض، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الصحية الفلسطينية.

ودعا الضغط لفتح باب التوظيف وفق معايير مهنية عادلة وغير تمييزية.

وختم حمود بالقول: “هذه الانتهاكات تتطلب تحركًا جديًا يعيد الاعتبار للدور الأساسي الذي يؤديه الممرض الفلسطيني في المجتمع”.

قرار مستغرب

من جانبه، قال علي هويدي مدير الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إن القرار الأخير المتعلق بتقييد مزاولة المهنة على الممرضين الفلسطينيين هو “قرار مستغرب جدًا في هذا التوقيت”، مشيرًا إلى أن التوقعات كانت بأن تبادر الدولة اللبنانية إلى تقديم المزيد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، خصوصًا في ما يتعلق بالحق في العمل، بدل اتخاذ إجراءات تعرقل التحاقهم بالقطاع الصحي.

وأضاف هويدي في تصريحات لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام أن الضوابط الجديدة المفروضة على المستشفيات، والتي تُلزمها بالإعلان عن الوظيفة وتقديم تقرير يثبت عدم توظيف أي ممرض غير لبناني، تعقّد وصول الممرض الفلسطيني إلى سوق العمل، رغم أن القطاع نفسه يشهد نقصًا في الكادر التمريضي.

وتابع موضحًا أن “الكثير من الطلاب الفلسطينيين في لبنان توجهوا لدراسة التمريض لأنه المتنفس الوحيد المتاح لهم، في ظل استحالة دخول مجالات أخرى مثل الهندسة والطب والصيدلة”، مشددًا على أن هذا القرار سيؤدي إلى رفع نسب البطالة داخل المجتمع الفلسطيني.

وأشار هويدي إلى أن 80% من الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، بينما تبلغ نسبة البطالة 40%، ما يجعل هذا القرار أكثر قسوة وتأثيرًا على حياة الناس اليومية.

وأوضح هويدي أن هناك نقاشات سياسية سابقة مع الحكومة اللبنانية حول ضرورة اعتماد مقاربات تأخذ بعين الاعتبار واقع اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية، على قاعدة احترام السلم الأهلي وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية.

وختم قائلًا: “هذا القرار مستغرب، وندعو الدولة اللبنانية إلى مراجعته بشكل عاجل، وفتح ملف الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين بصورة جدية ومسؤولة”.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة