آخر الأخبار

محمود عباس إلى لبنان: توقيت على ساعة من؟

84f0b24e-4d6f-4fbf-a5ae-656f0f57ea7e

الاخبار – علوان فتح الله

مثلما أنّ زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الأسبوع المقبل إلى لبنان مقرّرة، في 21 و22 الجاري، فإنّ الملفات التي ستطرح وتفتح وتناقش وتحسم، معروفة، وبعضها النقاش فيه منتهٍ، والزيارة فقط للمباركة والتأكيد ومنح الشرعية.

أحد المواضيع الرئيسية للزيارة، السلاح الفلسطيني في المخيمات، والمتابع ربما لاحظ كيف اشتغلت الماكينات الإعلامية اللبنانية فيه، حتى وصلت ببعض «المحللين» أن يسأل عمن يسلّم سلاحه أوّلاً الفصائل الفلسطينية أم حزب الله، وهنا خطر المعادلة العرجاء، ولا سيما أن الإيحاء بأن السلاح الفلسطيني يرقى ليكون سلاحاً متوسطاً أو ثقيلاً، مشكلة كبيرة، فمعظم السلاح الفلسطيني سلاح فردي خفيف، ولا يشكّل خطراً على الدولة والأمن في لبنان، لكنه ربما يشكل خطراً على سكّان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم.

ومع ذلك، لا بد من تشريح ما يدور حول هذا السلاح، وامتلاكه الفصائلي:
أولاً: سلاح حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وقد بدأت الدولة اللبنانية بوضع يدها عليه، خاصة بعد التحذير الأخير لحركة حماس من قبل المجلس الأعلى للدفاع، واعتقال بعض المشتبه بهم بإطلاق صواريخ على الحدود اللبنانية الفلسطينية. لكن يجب في الحديث عن سلاح «حماس» و«الجهاد» عدم إغفال جانب مهم، وهو أن هذا السلاح له امتداد لبناني إقليمي.

ثانياً: سلاح حركة فتح وباقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والفصائل التي كانت محسوبة على النظام السوري السابق، والتي سلّمت سلاحها ومقراتها خارج المخيمات كـ«الجبهة الشعبية – القيادة العامة» عبر لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني. سلاح هذه الفصائل (المنظمة وغيرهم) لا يشكل خطراً على السلم الأهلي، إلا في مخيم عين الحلوة، تحديداً مع وجود «المجموعات الإسلامية» الذي دونه ومن أجله تبعات وعقبات، يبدو أنها قابلة للحل.

«فتح» وتهيئة الظروف منذ سنوات

منذ سنوات، تحديداً عند الزيارة الأولى لرئيس السلطة عام2006، كان الرجل واضحاً، بأنه لا حاجة إلى السلاح الفلسطيني، وأن اللاجئين الفلسطينيين تحت القانون والسيادة اللبنانيين، وهذا الكلام يعرفه القاصي والداني. لقد أثبتت الأيام أحقية هذا الكلام. لكن للأسف، مخيم عين الحلوة مثلاً، مخيم للاستثمار السياسي، محلياً وإقليمياً، تحرك ملفه قضايا وشخصيات من المحسوبين على الإسلاميين في المخيم، فتندلع إثرها معركة، تضطر فيها «فتح» غالباً إلى المواجهة وحدها؛ مجموعات من «الإسلاميين» المستخدمين، والموجودين في المخيمات لأداء مهمات معينة للمشغلين.

«فتح» المتقاعدة

هذا الواقع في عين الحلوة، ربما تعاد كرّته عند الحاجة، ولكنه ربما لن يجد من يواجهه بشكل حقيقي وسليم، كما كانت الأمور قبل سنتين مثلاً. ويعود السبب إلى أن «فتح» في لبنان، وهي العامود الفقري لكل الفصائل الفلسطينية، تعاني فوضى تنظيمية منظمة بعناية. فقد استبعد العمل التنظيمي السليم في الحركة، وحدث هذا بشكل ممنهج ومدروس، عبر استبعاد كل الشخصيات المؤثرة صاحبة الخبرة، وركّبت مكانها شخصيات ليس لها صلة بالعمل السياسي أو الجماهيري أو الاجتماعي. كما إن بعض أجسام الحركة المؤسسية، يجري العمل على تدميرها، وخلق مؤسسات بديلة أو رديفة منافسة هلامية غير منتجة، ولا تمتلك هوية مهنية واضحة.

هل ستكون «فتح» في لبنان نسخة عن «فتح» في الأردن، أي بلا دور وعمل ونشاط، بلا وجود فعلياً

كذلك بعد أن قرر عباس منذ شهر تقريباً، إحالة الكادر من مواليد عام 1970 حتى 1975، إلى التقاعد، وهم الغالبية الآن، فإن حركة فتح في لبنان، دخلت مرحلة التقاعد. أمّا الكادر الآخر، فبعضه تجاوز السبعين. وبالتالي فإن «فتح» في لبنان جاهزة، أو أنها جهّزت لأي مستقبل رسموه لها. وهذا المستقبل، يأخذنا إلى سؤال: هل ستكون «فتح» في لبنان نسخة عن «فتح» في الأردن، أي بلا دور وعمل ونشاط، بلا وجود فعلياً.

وما يجعل الطرح الأخير ممكناً، هو ما كتبته بعض الصحافة اللبنانية التي تقول إنها مطلعة، حين أشارت إلى أن جهوداً تبذل لما بعد السلاح أيضاً، أي حظر العمل السياسي والإعلامي الفلسطيني، تحديداً إذا ما تعرض لأي دولة صديقة، ربما أميركا مثلاً. أمام هذا الواقع، هل سيعود «المكتب الثاني» للتحكّم في رقاب اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات.

في السياق، ليس واضحاً المكان الذاهبة إليه «فتح»، هل ستصبح المسؤولة عن أمن المخيمات فقط، لتتحوّل إلى شرطي، وينتهي دورها كحركة تحرّر وطني، من مهماتها تعبئة الجماهير في معركة التحرير؟

اللافت أن كل ما يتعلّق بهذه المواضيع، يجري بعيداً من القيادة المحلية في لبنان، هذا ما يسره بعض قادة «فتح» في لبنان، والذين يعبّرون عن قلقهم تجاه كل ما يطرح. وبحسب بعض التسريبات، فإنّ المتابع لهذا الملف الحساس، هو ياسر عباس، نجل رئيس السلطة، الشخصية غير المعروفة للكثيرين في الساحة اللبنانية، رغم أنه مستشار خاص لوالده، وقد شوهد برفقته في زيارات رسمية عدة. فهل يعني هذا استبعاداً للقيادة الفلسطينية في لبنان، أم ماذا، ولماذا؟

ما سبق، لا يعني رفض تسليم السلاح، على العكس، هذا الطرح ملائم وجيد ويناسب المخيمات، ورغبة الغالبية من اللاجئين الفلسطينيين، ولكن الجميع يريد ضمانات متعلقة بالأمن والأمان، وأخرى أساسية، متعلقة بالحقوق المدنية الطبيعية لأي إنسان، حقوق تحفظ كرامة اللاجئين، كما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية جوزاف عون. ومن ضمن الأسئلة التي تطرح الآن، وبشكل ملح، هل ستلتزم الدولة اللبنانية بروحية خطاب القسم الذي افتتح عون به عهده لجهة الحفاظ على كرامة اللاجئين، والأمر ليس مقايضة، إنما حق طبيعي للبشر، وما الشعب الفلسطيني سوى ضيف حتى تتحقق عودته إلى فلسطين، يهمه لبنان كما يهمه وطنه فلسطين.
زيارة محمود عباس جيدة في توقيتها، ولكن هذا التوقيت مضبوط على ساعة من؟ هذا هو السؤال.

* كاتب فلسطيني

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة