آخر الأخبار

المشهد الفلسطيني بعد 20 شهرًا من التدمير والإبادة إلى أين؟ الكاتب وسام عفيفة يجيب

bfee87241112cefee204fe8a1a0ac654

المركز الفلسطيني للإعلام -غزة

قال الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، إنّ الاحتلال الإسرائيلي عجز بعد عشرين شهرًا من حرب التدمير والإبادة في قطاع غزة عن تحقيق أهدافه الاستراتيجية رغم القتل الوحشي والجماعي والتدمير الشامل، الذي حقق به بعض ما يسميها أهدافه التكتيكية، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّ المقاومة لا تزال تفرض نفسها رقمًا صعبًا على طاولة المفاوضات.

وأكد عفيفة في مقابلة خاصة مع المركز الفلسطيني للإعلام، أنّ المشهد الفلسطيني يمرّ بمأزقٍ داخليٍ يجب الاعتراف به والوقوف عنده، وأن تتحمل جميع الفصائل والسلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولية لإعادة توحيد الصف الفلسطيني واستخدام ورقة القوة الشعبية التي ما زالت صامدة بوجه جميع المخططات والمؤامرات الصهيو-أمريكية.

وقدم المحلل السياسي قراءة لسيناريوهات وفرص نجاح مفاوضات وقف إطلاق النار وما يترافق معها من قبول حركة حماس لمقترحات ويتكوف الذي أتقن لعبة تبادل الأدوار مع مواقف حكومة نتنياهو، الأمر الذي فرض تحدياتٍ وعقباتٍ جمّة.

كما عبر عن أسفه الشديد لحالة الخذلان العربي والإسلامي؛ إلا من بعض المواقف التي كانت مفاجئة وصادمة للعدو الصهيوني متمثلة بالموقف اليمني يليها الموقف اللبناني ومن ثم العراقي، والمواقف الشعبية الأوروبية الشعبية، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ غزة ما زالت تقاوم رغم الدمار، لكن المعركة السياسية والعسكرية الميدانية تتطلب وحدة فلسطينية وضغطًا دوليًا حقيقيًا لإنهاء الحرب والعدوان على القطاع المنكوب.

أكد الكاتب والمحلل السياسي، وسام عفيفة، أنّ المشهد في غزة اليوم وبعد عشرين شهرًا من الإبادة، بكل ما فيها من مآسٍ وآلام، ما زالت في حالة من المراوحة وعدم حدوث اختراقاتٍ كبيرةٍ، على الصعد كافة، لا سيما وأنّ الاحتلال الإسرائيلي فشل رغم الضغط بتحقيق أيٍ من أهدافه الإستراتيجية رغم ما حققه من بعض الأهداف التكتيكية، الأمر الذي جعله عاجزًا عن “إعلان النصر المطلق” الذي يدعي أنه يسعى إليه والذي تشمل إطلاق الأسرى، وتنفيذ بعضا من أهدافه مثل خلق الغيتوهات، أو تنفيذ خطة التهجير.

وعبّر الكاتب الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، عن ألمه الشديد لمشهد غزة التي تحولت إلى ساحة حرب بكل معنى الكلمة ولكنها أيضا أطلال حرب؛ نتيجة ما تعرض له قطاع غزة في سابقة تاريخية، مشددًا على أنّه ورغم البطش لا تزال المقاومة حاضرة وقادرة على الفعل رغم ما أصابها من ضربات متوالية منذ 20 شهرًا، وهي صامدة وتفرض نفسها رقما أساسيا صعبا على طاولة المفاوضات مع حضور في الميدان.

لكنه في الوقت ذاته يرى أنّ “علينا الاعتراف أن هناك مأزقًا فلسطينيا داخليا وانكشافًا في الموقف العربي والإسلامي وحتى في الموقف الدولي الذي لا يزال لا يرتقي إلى حجم الجريمة التي ترتكب”.

وحول أوراق القوة المتبقية بين أيدينا، يؤكد عفيفة أنّها “تتمثل في الشعب الفلسطيني الذي لا يزال حاضرا ولم ينكسر، رغم ما أصابه”.

وفي رؤيته لحال المقاومة اليوم، يرى الكاتب السياسي أنّ “الواقع الحالي يفرض التحديات على المقاومة يمكن وصفها بأنها التحديات الأشد التي تعرضت لها على مدار تاريخها”، وقال: “إذا تكلمنا تحديدا في قطاع غزة، المقاومة لا زالت تقاتل وحاضرة سياسيا وموجودة ميدانيا وتناور ما استطاعت في إطار المقترحات، وفي محطات عديدة استطاعت أن تفلت من الضغوط التي تسعى لإنهاء المقاومة والوجود الفلسطيني في قطاع غزة”.

وأشار إلى أنّ موقف المقاومة ومبادراتها كشف زيف وتلاعب نتنياهو، موضحًا أنها في أكثر من محطة من مسار المفاوضات، قدمت مبادرات، منها مبادرة الرزمة لإطلاق جميع الأسرى مقابل إنهاء الحرب أو إطلاق الجندي عيدان ألكساندر في محاولة لاستيعاب الضغط الأمريكي وإحداث اختراق في مسار المفاوضات.

وشدد عفيفة على أنّ “المقاومة لا يزال عندها حضور سياسي، رغم محاولة الاحتلال إظهارها أنها لا تتحكم بالمشهد”.

وحول حالة الالتباس من إعلان حماس قبول مقترح ويتكوف، قال عفيفة: يجب علينا أن نعترف أنه في الكثير من محطات المفاوضات لعبة تبادل أدوار بين الاحتلال وأميركا، وأن المبعوث الأميركي يتحرك بأجندة إسرائيلية، وهناك محاولات لاحتواء الكارثة الإنسانية في غزة إعلاميا دون إحداث تغيير على أرض الواقع.

واستدرك بالقول: رغم قبول حماس عدة مرات مقترحات، حتى اللحظة هناك ازدواجية في الموقف الأميركي في التعاطي مع الرفض الإسرائيلي والشروط الإسرائيلية.

وقال عفيفة: ربما في الأسابيع الأخيرة ظهر نوع من الضغط النسبي الأميركي على نتنياهو، وهناك ضغط داخلي في إسرائيل، ولكن حتى الآن لا يوجد نية أمريكية واضحة للضغط على الاحتلال وإلزامه بأمور محددة ولكن هناك محاولات لإقناعه على ما يبدو ولا يرتقي ذلك لدفعه للرضوخ للمقترح الأمريكي.

وحول فرص نجاح جهود وقف إطلاق النار، أكد المحلل السياسي أنّ الفرصة موجودة، ولكن مشروطة بحدوث تغير سياسي في موقف واشنطن بحيث تضغط باتجاه قاعدة كفى والانتقال لمحطة الضغط والإلزام للاحتلال الإسرائيلي، أو أن يكون هناك ضغط داخلي إسرائيلي كبير يؤدي لتغيير في موقف حكومة نتنياهو ويجبرها على الذهاب لمسار الصفقة والاتفاق وإنهاء الحرب.

ورأى الكاتب السياسي أنّ نتنياهو يعتمد على قاعدة ثابتة من ائتلافه الحكومي المتطرف، ويستفيد من الصراعات داخل المعارضة والأزمات التي يخلقها في إطار تغيير القيادات التي تعارضه مثل تغيير وزير الجيش ورئيس الشاباك، حيث يستغلها في خلق أزمات داخلية للتهرب، مع التأكيد أن هناك عوامل ضغط جديدة عليه منها تصاعد الاحتجاجات ضده ونوعية القطاعات والمشاركين فيها، وبدأت تظهر أصوات تعترف بالجريمة والإبادة، إلى جانب ضغط الرأي العام العالمي والمحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية، كل ذلك يعزز في فرصة وقف إطلاق النار، وفق تقدير عفيفة.

وحول السيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة بحال فشلت المفاوضات، يرى عفيفة أنّنا نقف أمام 3 سيناريوهات أساسية، أولها استمرار الحرب بوتيرة دموية، والسعي لإنجاح ولو جزئي لخطة “عربات جدعون” ومحاولة السيطرة على المزيد من الأراضي والضغط على الفلسطينيين لتعزيز وخلق الغيتوهات.

أما السيناريو الثاني، بحسب المحلل السياسي، فيتمثل في تدخل إقليمي أو دولي لفرض وقف إطلاق النار والرأي العام الدولي قد يدفع بها الاتجاه.

فيما يذهب إلى أنّ السيناريو الثالث سيعبر عنه تحرك إسرائيلي داخلي قوي يدفع باتجاه المفاوضات والوصول لصفقة.

وقال عفيفة: يبقى الوقت من دم، فالوضع الإنساني كارثي، المشهد الذي تابعناه في رفح، يعبر عن المأساة، فالجوع أجبرها للذهاب لهذا الغيتو وهذا الإذلال وحالة الغضب والانفجار التي حصلت تؤكد أن الغضب ينفجر في وجه الاحتلال، وهو غضب كامن، يفاقمه حالة الجوع وقلة الغذاء والوضع الصحي والقتل غير المباشر، حتى أصبحت غزة مقبرة مفتوحة يضاف لها عشرات بل مئات من أولئك الذين لا يقتلوا بالقصف بل أيضا بالكارثة الإنسانية.

وبعد فشل مركز المساعدات الأمريكية الذي شاهده العالم أجمع، يرى عفيفة أنّ هناك كارثة إنسانية في التقييم الأولي ما زالت جاثمة في غزة، فالأزمة كبيرة والألم غير مسبوق.

ويلمس في الوقت ذاته عوامل ومحاولات يسعى الاحتلال من خلالها لمحاولة الإسهام في تآكل شعبية المقاومة وانفضاض الحاضنة الشعبية من حولها، ولكن الاحتلال لم يحقق أهدافه، فالروح العامة لا تزال ترفض الاستسلام وترفض التهجير والتجويع سلاح يحاول الغزي احتواءه.

ونبه عفيفة إلى أنّ طول الحرب وقسوتها أدى لوجود كارثة؛ لكن ذلك ليس نهاية المعركة ويمكن استعادة الثقة لشعبنا رغم قسوة ما واجهه.

وحول استخدام الاحتلال مجموعة من الأفراد، ضمن ما بات يعرف بـ”خلية أفيخاي”، يحذر المحلل السياسي من أنّ هذا الأمر يشكل حالة خطيرة لا يمكن التهاون معها، وقال: هي تهديد ناعم وخطرها يتمثل في سعيها لتفيك النسيج الوطني من الداخل وتشويه صورة المقاومة، وخطرها يتجاوز الدور الإعلامي، لخلق وكلاء رأي كأنهم يعبروا عن الشعب الفلسطيني.

وشدد على أن هذه الخلية تستدعي جهدا وطنيا من الجميع، داعيا إلى تعزيز الوعي الشعبي ومحاربة هذه الحالة الشاذة.

وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي، يرى عفيفة أنه لم يكن هناك تغير في إدارة ترامب بحجم التوقعات، منبها إلى أنه كان توقعات بعد زيارة المنطقة وما حصل عليه من مليارات، وبعد مبادرة حماس المتعلقة بعيدان الكساندر.

واستدرك: لكن للأسف لا تزال التركيبة الأمريكية تحرض على المشروع الإسرائيلي. أميركا ليست وسيطا نزيها بل هي طرف. الجميع أمام مفترق تاريخي إما أن تدفع لتغيير سلوكها أو تخسر ما تبقى من مصداقيتها في المنطقة، أو ربما تتضرر مصالحها.

وفي حديثه حول الموقف العربي والإسلامي، رأى عفيفة أنّ ” 2 مليار مسلم لم يرتقوا لما يجري”، باستثناء بعض المواقف.

وشدد على أنّ الموقف العربي وتخاذله لا يقل خطره وعجزه عما يجري، وهو لا يرتقي للإبادة في غزة. وهو أقل من المواقف والشعوب الأوروبي.

وأشار إلى أن هناك ساحات مفاجئة مثل الساحة اليمنية التي فاجأتنا ولا يمكن إنكار الدور اللبناني خاصة الحزب (حزب الله) الذين دفعوا كثيرا، وكذلك العراق.

وفي تقييمه لتفاعل الشارع الدولي مع القضية الفلسطينية مقارنة بالتحركات الرسمية، يرى عفيفة أنّ الشارع الدولي سبق حكوماته التي استيقظت متأخرة.

وأشار إلى أن حراك الشارع في أوروبا وانتفاضة الطلبة في الجامعات الأمريكية واستمرارها رغم عقوبات ترامب بقسوة يدلل أن هناك افتراقا بين الشارع والحكومات التي هي رهينة لمصالحها وتحالفاتها القديمة، مقدرًا أنه سيكون لذلك تداعيات مستقبلة.

وفي هذا السياق، يرى عفيفة أنّ الحاجة باتت ملحة لوقف الإبادة ووقف إطلاق النار وأن هذا مطلب الجميع في قطاع غزة، مشددا على ضرورة إنهاء حالة التجويع من أجل البقاء والصمود وعدم منح الاحتلال فرصة تحقيق نصر استراتيجي.

وأشار إلى أن هناك الكثير من التحديات بعد وقف إطلاق النار، بل يمكن القول إنه قد يكون هناك آلاف المشاكل، والأولوية ينبغي أن تكون لإعادة الإعمار بعدّها مسألة مهمة، في وجه مخططات الاحتلال حتى لا تتحول غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة وحتى لا يبقى مخطط التهجير قائما، كما يخطط ويسعى الاحتلال تحت مسميات كاذبة مثل “الهجرة الطوعية”.

وشدد على أنّ المطلوب فلسطينيا من الكل (فصائل وسلطة وهيئات) إعادة النظر في مشروعه وآلياته، فشعبنا بما تعرض له لا يمكن أن يقبل بأي فصيل أو سلطة دون أن يراعي كل ذلك مستقبلا.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة