آخر الأخبار

عيد العودة للمدراس لم يزر غزة.. أعوام تنقضي وأجيال تدفع الثمن

Ge0gYK6XgAApr84

مهرجانات العودة إلى المدارس.. مهرجانات التسوق لملابس المدارس.. إعلانات للمدارس الخاصة.. موسم المدارس يعود من جديد، لكن أهل غزة لا يرونه أو يتذكرونه أو يشعرون به سوى في الإعلانات الممولة التي يواجهونها في مواقع التواصل الاجتماعي فقط.

فعلى أرض الواقع لا يعيشون سوى مزيد من النزوح والجوع والقتل في حرب الإبادة المتواصلة منذ قرابة عامين، وللعام الدراسي الثالث تواليا يحرم أبناؤهم من التوجه إلى مدارسهم التي أصبحت رماداً، في إبادة تعليمية غير مسبوقة، وتعد واحدة من أوجه الإبادة المختلفة في قطاع غزة.

كان موسم العودة إلى المدارس في قطاع غزة، وخاصة خلال السنوات الأخيرة التي سبقت الحرب على غزة، يشبه مواسم الأعياد، ازدحام في الأسواق، والمكتبات ومراكز التسوق المتخصصة ببيع المستلزمات المدرسية من شنط وقرطاسية وغيرها، لكن ذلك كله اختفى اليوم.

أطفال غزة اليوم تجدهم في طوابير التكيات الخيرية للحصول على وجبه تنقذ عوائلهم من الهلاك جوعا، وعلى طابور المياه العذبة لتمنع عوائلهم من الفناء عطشاً، وفي مناطق الإنزالات الجوية للحصول على بقايا مواد غذائية تصلح للاستخدام علها تسد رمقهم ورمق عائلاتهم التي تعاني الجوع والحرمان.

ذكريات جميلة وواقع مؤلم

“أم محمد” معلمة للصفوف الابتدائية الأولى، وأم لأربعة أطفال في مراحل دراسية تتراوح بين الصف الرابع الابتدائي والثامن الإعدادي، تصف موسم عودة المدارس قبل الحرب بـ”العيد”، وتؤكد أنه رغم تكاليفه العالية إلا أنه كان موسم فرح وبهجة للأطفال وأهاليهم.

“كنا نعاني بسبب ضيق اليد وقلة الرواتب هذا صحيح، ولكننا كنا نعيش تفاصيل جميلة ورائعة ونحن نحضر أبناءنا لاستقبال العام الدراسي الجديد، نشتري مستلزماتهم وزيهم المدرسي، أما اليوم فحال أطفالنا لا يخفى على أحد، خوف وفزع وجوع ونقص في كل شيء”، تقول المعلمة “أم محمد”.

والأهم من وجهة نظر المعلمة “أم أحمد” هو ما فقده الطلبة خلال العامين الدراسيين المنصرمين، وما سيخلفه من حالة جهل وضعف قد لا يمكن تعويضها مع دخول الطلبة عامهم الدراسي الثالث دون دراسة وتعليم حقيقي.

وترى “أم محمد” أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف التعليم بشكل واضح من خلال استهداف المنشئات التعليمية، والمعلمين وحتى الطلبة، في محاولة لنزع واحدة من أبرز سمات المجتمع الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص، وهي أنه الشعب العربي الأكثر تعليماً والأقل أمية، “فالاحتلال يريدنا شعبا جاهلا متخلفا لا يبحث سوى عن لقمة عيشه”، وفق تعبيرها.

وتؤكد الأم والمعلمة “أم محمد” أن أطفال غزة وطلابها يدفعون الجزء الأكبر من فاتورة حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة منذ عامين، من أعمارهم وعقولهم وأحلامهم وطموحاتهم ومستقبلهم، مطالبة العالم الحر بالنظر بعين الرحمة لأطفال غزة وتمكينهم من العودة إلى مقاعدهم الدراسية من خلال وقف الحرب المجنونة بأسرع ما يمكن، ودعم عملية إعادة إحياء العملية التعليمية والتربوية في قطاع غزة بشكل فوري.

واقع صعب ومستقبل قاتم

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” قالت، إنه في مثل هذا الوقت من العام، ينبغي أن يستعد الأطفال في قطاع غزة للعودة إلى المدارس باختيار حقائبهم، وبَري أقلامهم، والحلم بما يحمله العام الدراسي الجديد.

وبينت، في منشور عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك، أنه بدلًا من ذلك، يبحث الطلبة عن الماء، ويصطفّون للحصول على الطعام، ويحتمون في صفوف دراسية تحوّلت إلى ملاجئ مكتظة.

وقالت إن أطفال غزة خسروا ثلاثة أعوام من التعليم، وهم بذلك معرّضون لخطر أن يصبحوا جيلًا ضائعًا، مشددة على وجود حاجة ملحّة إلى وقف إطلاق النار.

وسبق أن قالت “أونروا”، إن نحو 660 ألف طفل في غزة لا يزالون خارج المدارس، مشيرة إلى أن 90% من المدارس في القطاع دمرها الاحتلال الإسرائيلي.

وفي تغريدة له على منصة شركة “إكس”، قال المفوض العام لوكالة “أونروا”، فيليب لازاريني، منتصف الشهر الجاري، إن مليون طفل في قطاع غزة محرومون من التعليم ويعانون من صدمة نفسية عميقة.

وبين “لازاريني” أن أكثر من 40 ألف طفل استشهدوا أو أصيبوا جراء القصف والغارات الجوية الإسرائيلية، بحسب “اليونيسيف”.

وشدد أن الأطفال يبقون أطفالاً، ولا ينبغي لأحد أن يصمت حين يموتون أو يحرمون بوحشية من مستقبلهم، أينما كانوا، بما في ذلك في غزة، وفق قوله.

وفي السابع من أغسطس الجاري قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن الهجمات الإسرائيلية على المدارس في قطاع غزة ستسهم في تعطيل التعليم لسنوات عديدة.

وبينت أن إصلاحها وإعادة بنائها سيتطلب الكثير من الموارد والوقت، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية كبيرة على الأطفال وأولياء الأمور والمعلمين.

إحصاءات صادمة

ووفق معطيات سابقة، نشرها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن1661 منشأة تعليمية تضررت، منها 927 مدرسة وجامعة وروضة أطفال ومركز تعليمي هدمت كليا، و734 منشأة تعليمية تضررت جزئيا.

وبينت أن الاحتلال قتل 12800 طالب ونحو 800 كادر تعليمي، وحرم 785 ألف طالب من مواصلة تعليمهم في مختلف المراحل التعليمية.

ما يجري ليس عفويا؛ فإبادة التعليم وفرض سياسة التجهيل في قطاع غزة واحدة من أبرز الأهداف التي يعمل الاحتلال الصهيوني على تعزيزها وجعلها واقعا يمكنه من محو الصورة المشرقة المعروفة عن الشعب الفلسطيني المتعلم، والذي يمتلك أقل نسبة أمية في العالم، في مسعى لتصدير صورة الجهل والتخلف والعمية عن الشعب الفلسطيني الساعي لحرية أرضه وبناء دولته وتقرير مصيره.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة