في حديث للرفيق عبد الله الدنان مسؤول العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان على “إذاعة صوت الشعب” اللبنانية حول التطورات الأخيرة المتعلقة بالسلاح الفلسطيني في مخيم برج البراجنة، قال إن ما جرى في عملية التسليم التي حصلت كان تماماً كما أُعلن من القائمين عليه، مؤكداً أن السلاح الذي تم تسليمه كان سلاحاً غير مسؤول بالمعنى التنظيمي، وأن هذه الخطوة جاءت كتعبير عن النوايا الإيجابية تجاه الدولة اللبنانية.
وشدد الدنان على أن التعاطي مع الوجود الفلسطيني في لبنان لا يمكن أن يُختزل في موضوع أمني أو مسألة سلاح، بل القضية أوسع وأعمق، فهي مسألة سياسية ووطنية بامتياز ترتبط بواقع اللاجئين الفلسطينيين ومعاناتهم المستمرة منذ النكبة، وتؤثر مباشرة على مستقبل وجودهم في لبنان، لذلك لا بد أن تقوم المقاربة على قاعدة الحقوق والواجبات، أي الاعتراف بالحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين، مقابل التزامهم الكامل بالقوانين والسيادة اللبنانية.
وفي هذا السياق، أكد الدنان أن هناك إجماعاً فلسطينياً واضحاً بين كل الفصائل والجهات المعنية على ضرورة ضبط وتنظيم السلاح داخل المخيمات، مشيراً إلى أن هذه العملية تتم في إطار احترام السيادة اللبنانية وتحت سقف القانون، لكنه أضاف أن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، إذ لا بد من بلورة رؤية سياسية شاملة للوجود الفلسطيني في لبنان، باعتبار هذا الملف مسؤولية وطنية مشتركة بين لبنان والفلسطينيين، تتداخل فيها أبعاد الأمن، والحقوق، والهوية، والكرامة الإنسانية.
أما عن نوعية السلاح الموجود اليوم داخل المخيمات، فقد أوضح الدنان أن ما تبقى هو سلاح خفيف وفردي محدود الطابع، لا يتعدى كونه وسيلة حماية ذاتية، له قيمة رمزية أكثر من وظيفية، وهدفه سيظل الحفاظ على السلم الأهلي اللبناني ومنع أي استغلال لفراغ أمني محتمل، داعياً إلى تجنب التضخيم الإعلامي والسياسي حول هذا الموضوع، ومذكّراً بأن المخيمات الفلسطينية في لبنان تعرضت بعد العام 1982 إلى سلسلة من المجازر والأحداث الدامية، ما جعل الاحتفاظ ببعض الوسائل الدفاعية أمراً رمزياً وحساساً في الوعي الجمعي الفلسطيني.
ولم يخفِ الدنان استغرابه مما وصفه بـحملات المبالغة التي رافقت خطوة تسليم السلاح الأخير، قائلاً إن بعض الجهات نفخت كثيراً في الحدث، واستخدمت مخيم برج البراجنة مرة أخرى كصندوق بريد لإرسال رسائل سياسية باتجاهات متعددة، تراوحت بين التهنئة على هذه الخطوة واعتبارها حدثاً تاريخياً مفصلياً، مؤكداً على أن مثل هذه القراءات المتناقضة تعكس حجم التسييس الذي يحيط بأي ملف يتعلق باللاجئين الفلسطينيين والسلاح في لبنان.
وختم الدنان مقابلته بالتأكيد على أن المطلوب اليوم هو الهدوء والمسؤولية في مقاربة هذا الملف، بعيداً عن الشعارات والتهويل الإعلامي، مع إعطاء الأولوية لحوار جدي ومسؤول يوازن بين احترام السيادة اللبنانية وحماية الحقوق والكرامة الإنسانية للفلسطينيين، فالملف ليس قضية سلاح بقدر ما هو قضية وجود وحقوق، في ظل تحديات تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة تتطلب شجاعة سياسية من الطرفين اللبناني والفلسطيني.