آخر الأخبار

سقوط آخر أوراق التوت عن «أبو شباب»: «جيش لحد» الغزّي لا يولد

images

بعد أقلّ من أسبوع على إعلانه تشكيل ما سمّاه «اللجان الشعبية»، ودعوته سكان شرق رفح إلى العودة إلى مراكز إيواء أنشأها ضمن مناطق خاضعة لنفوذ جيش الاحتلال “الإسرائيلي” وسيطرته، تلقّى المدعوّ ياسر أبو شباب ضربة قاسية من العدو الذي سرعان ما أحرق ورقته، إذ كشفت تسريبات صحافية “إسرائيلية”، أمس، أن أبو شباب «يتلقّى تمويلاً مباشراً من جهاز الشاباك، ويعمل بتكليف مباشر من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية» في عمليات تمشيط تستهدف مناطق تنشط فيها المقاومة الفلسطينية، عبر تفكيك عبوات ناسفة وكشف أنفاق، بهدف تقليل المخاطر التي تواجه جنود الاحتلال.

ويعزّز السجل الشخصي لأبو شباب، الذي خرج من سجون وزارة الداخلية في غزة مع الأيام الأولى لاندلاع الحرب الأخيرة، من صورة الرجل باعتباره «ورقة محروقة». فهو سجين جنائي سابق أدين في قضايا تجارة مخدّرات وممنوعات، وبرز خلال الشهور الماضية في أعمال قطع الطرقات وسرقة شاحنات الطحين والمساعدات الإنسانية، وإشعال الفوضى والاقتتال الداخلي بين العشائر الكبرى. كما ظهر أخيراً وهو يتباهى بحمل السلاح، مدّعياً بأنه يؤمّن شاحنات الإغاثة التابعة لمؤسسة أميركية في غزة، ويعمل بتنسيق مع ما سمّاها «الشرعية الفلسطينية»، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية في رام الله.

في المقابل، نشرت «كتائب القسام»، مطلع الأسبوع الماضي، مقطعاً مصوّراً أظهر تصفية أربعة عناصر من ما وصفتهم بـ«المستعربين»، وأعلنت لاحقاً أن هؤلاء كانوا من أفراد عصابة أبو شباب، متوعّدة بملاحقة كل «المجموعات الخائنة» بحزم وقوة.

أما في الإعلام العبري، فاحتلّ أبو شباب عناوين الصحف بوصفه «قائد الجيش اللحدي بنسخته الغزاوية»، بعدما اتضح أنه شكّل ميليشيا من عشرات المسلحين الذين يتلقّون تمويلاً وتسليحاً مباشراً من جيش الاحتلال. وذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس «الشاباك»، ورئيس هيئة الأركان، هم المسؤولون الثلاثة عن مشروع التسليح، فيما كشفت قناة «كان 11» أن «بتسلئيل سموتريتش هو الوزير الذي وقّع على قرار تحويل مئات الملايين لصالح ذلك المشروع”.

وأوضحت «القناة 12»، بدورها، أن القصة بدأت بمبادرة من رئيس «الشاباك»، وصودق عليها لاحقاً من قبل وزير الجيش ورئيس الحكومة، مشيرة إلى أن «المعلومات المتقاطعة حول أبو شباب تكشف أنه مجرّد لصّ وقاطع طريق منبوذ شعبياً، ولا يملك أي رصيد حقيقي في الشارع الغزي”.

  اشتعل الجدل الأكبر في الكيان حول هذه القضية، بعد تصريح لوزير الجيش الأسبق، أفيغدور ليبرمان، أكّد فيه أن «نتنياهو أشرف شخصياً على تسليم أسلحة لعصابات إجرامية في غزة»، من دون علم «الكابينت»، وأن رئيس «الشاباك» كان على دراية بالأمر. وتعليقاً على هذه التصريحات، أوضح ما وصفه الإعلام العبري بالمصدر المقرّب من مكتب نتنياهو، أن “تسليح العصابات كان يهدف إلى تقليل خسائر الجيش الإسرائيلي في مناطق القتال المباشر، عبر استخدام عناصر أبو شباب كأدوات ميدانية في تفكيك العبوات وكشف الأنفاق”.

وانقسم المسؤولون “الإسرائيليون” حول المسألة، فيما رأى زعماء المعارضة أن تسليح العصابة الغزّية، «فضيحة» مدوّية وإخفاق جديد في إدارة الحرب. واعتبر زعيم المعارضة، يائير لابيد، أن «نتنياهو يسلّح جماعات مرتبطة بداعش في غزة من تحت الطاولة، من دون أي تخطيط استراتيجي، وكل هذا يقود إلى كوارث جديدة»، محذّراً من أن «الأسلحة التي تدخل إلى غزة ستُوجَّه في نهاية المطاف ضد جنود الجيش الإسرائيلي والإسرائيليين». لكنّ اللافت أن خطوة حكومة نتنياهو المثيرة للجدل، حظيت بدعم المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وفق ما أشار إليه الرجل في منشور على موقع «إكس».

وعلى المقلب الفلسطيني، وصفت حركة «حماس» هذه العصابات بأنها «أدوات رخيصة بيد العدو» و«عدو حقيقي لشعبنا»، مؤكّدة أن ملاحقتهم ستتمّ بحزم على يد قوى المقاومة والأجهزة المختصة.

لكن، وعلى الرغم من هذا الدعم “الإسرائيلي” المباشر، فإن حجم عصابة أبو شباب على الأرض لا يتجاوز وظيفة «الدرع البشري» الذي يتلقّى الضربات عن جنود الاحتلال. وقد كشف الإعلام العبري نفسه، عبر التصريحات والتقارير، أن أيّ محاولة لتقديم هذه العصابة على أنها نواة لـ«قوات أمن بديلة» في غزة ما بعد الحرب، تفتقد الواقعية. وهكذا، جاء النعي المبكّر لمشروع أبو شباب، قبل أن يولد، من قبل الإعلام “الإسرائيلي” نفسه.

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة