بوابة اللاجئين الفلسطينيين
أعلنت فصائل فلسطينية وطنية وإسلامية في لبنان، من بينها تحالف القوى الفلسطينية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة أنصار الله (الإسلامية)، عن إصدار وثيقة سياسية تحت عنوان: “رؤية فلسطينية مشتركة لمقاربة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”، تهدف إلى توحيد الموقف الفلسطيني في لبنان ومخاطبة الدولة اللبنانية بموقف جامع يعزّز الشراكة، ويحفظ السيادة، ويضمن كرامة اللاجئين.
وأكدت الفصائل الموقعة أن هذه الوثيقة تبنى على أساس التفاهم اللبناني–الفلسطيني، مع الالتزام بالقوانين اللبنانية، والدعوة إلى حوار جاد وبناء يعالج أوضاع اللاجئين بشكل متكامل، بعيدا عن المقاربة الأمنية فقط، ويحول دون الانزلاق إلى أي اشتباك داخلي أو تدخل خارجي في شؤون المخيمات.
وقالت الجهات الموقعة: “اللاجئ الفلسطيني في لبنان هو نتيجة للتهجير القسري الذي مارسه الكيان الصهيوني، والذي ما زال يرزح تحت تبعاته حتى اليوم، جراء المجازر والجرائم البشعة التي ارتكبت بحقه عام 1948″، مشددة على أن المبادرة تنبع من “الإيمان الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية، والتمسك بحق العودة، ورفض مشاريع التهجير والتوطين والحلول البديلة”، وتستند إلى “مواقف مشهودة عبرت عنها رئاسة الجمهورية اللبنانية ومواقف لبنانية داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني”.
وتضمنت الوثيقة عدة بنود، أبرزها: موقف فلسطيني موحد تمثّله “هيئة العمل الفلسطيني المشترك”، التي تضم الفصائل الوطنية والإسلامية، ومقاربة شاملة إنسانية وسياسية واجتماعية للملفات المتعلقة باللاجئين، وليست أمنية فقط، وتعزيز الحقوق الإنسانية والاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للاجئين بما يحفظ كرامتهم.
وضمن البنود أيضًا، دعم وكالة “أونروا” بوصفها شاهدًا على نكبة اللاجئين، وضرورة توحيد الموقف اللبناني–الفلسطيني للحفاظ على دورها وتفويضها الأممي، إضافة إلى إدارة الوضع الأمني في المخيمات من خلال اللجنة الأمنية المشتركة بإشراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وبالتنسيق مع الجيش اللبناني، وتنظيم السلاح داخل المخيمات من خلال اللجنة الأمنية بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وضرورة إدارة الشأن المدني والمعيشي والاجتماعي من خلال اللجان الشعبية الموحدة، وبالتعاون مع الوزارات اللبنانية والهيئات الرسمية المعنية.
الجهاد الإسلامي: الرؤية جاءت بتكليف من هيئة العمل
وفي حديث خاص لـ”بوابة اللاجئين الفلسطينيين”، قال أبو سامر موسى، مسؤول العلاقات الفلسطينية في حركة الجهاد الإسلامي وعضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك:”ما يميز هذه الرؤية أنها جاءت بتكليف من هيئة العمل الفلسطيني المشترك، الهيئة المخولة اتخاذ قرار باسم الشعب الفلسطيني، والتي شكلت برعاية دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري”.
وأشار موسى إلى أن هذه الرؤية هي ثمرة جهد فلسطيني مشترك داخل الهيئة، و”تعبير عن توافق وطني يهدف إلى صياغة موقف موحد في ظل الظروف العصيبة التي تعصف بلبنان والقضية الفلسطينية، والضغوطات الدولية المتزايدة”.
وأضاف: “كان هناك مطلب لبناني بوضع رؤية فلسطينية موحدة. وبعد بحث معمّق، تم طرحها في هيئة العمل، بهدف تقديمها للجانب اللبناني باسم الهيئة، باعتبار أن الوجود الفلسطيني في لبنان لا يقتصر على ملف السلاح فقط، بل هو وجود مستمر منذ 77 عاماً، وله حقوق يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار”.
وتابع: “استطعنا من خلال هذه الوثيقة أن نضع الإصبع على الجرح، وأن نطرح رؤية واضحة تفتح الباب لحوار رسمي لبناني–فلسطيني، من خلال لجنة مفوّضة من كل المكونات الفلسطينية”.
لكن موسى أشار إلى تعثّر اعتمادها داخل هيئة العمل الفلسطيني بشكل موحد؛ بسبب “تداعيات داخل حركة فتح عقب زيارة محمود عباس إلى لبنان”، موضحًا أن الوثيقة طرحت باسم القوى الثلاث الموقعة، مع استمرار السعي لاعتمادها لاحقًا باسم الهيئة الكاملة.
وشدد على أن “هذه الوثيقة ستكون أرضية للحوار وأساسا لبناء علاقة أفضل مع الدولة اللبنانية، كما تمثل وثيقة فلسطينية جامعة لا تقصي أحدا”، داعيا إلى تشكيل لجنة مشتركة للحوار مع الدولة اللبنانية “تحفظ أمن لبنان، وتحمي الوجود الفلسطيني، وتقر بحقوقه”.
وحول الأوضاع المعيشية، أشار موسى إلى أن “اللاجئين الفلسطينيين يواجهون تدهوراً معيشياً متسارعاً بسبب تراجع التمويل الأميركي، والضغط على المانحين، وتراجع خدمات ‘أونروا’، ما فاقم الفقر والجوع”، مضيفاً أن “وثيقة تقييم أداء “أونروا” ومديرتها دوروثي كلاوس أصبحت جاهزة، وسيُصار إلى لقاء رسمي قريبًا لمحاسبة الإدارة الحالية”.
وأكد أن “المؤامرة الأميركية–الإسرائيلية ضد وكالة أونروا مستمرة، لكن إلغاء الوكالة يتطلب قراراً دولياً غير متوفر حالياً، بفضل مواقف بعض الدول الداعمة”.
وختم بالقول: “هيئة العمل الفلسطيني المشترك هي لسان حال الشعب الفلسطيني في لبنان، والجهة المخولة بإدارة قضايا اللاجئين ومخيماتهم، بالتنسيق مع أونروا والدولة اللبنانية، لضمان استمرار الخدمات، وحماية الكرامة وحق العودة”.
الجبهة الشعبية: لا نختزل بالسلاح ونطالب بحقوق متكاملة
بدوره، قال عبد الله الدنان، مسؤول العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في تصريح لـ”بوابة اللاجئين الفلسطينيين”: إن الجبهة “تؤيد الرؤية المشتركة، خصوصاً فيما يتعلق بضبط السلاح الفلسطيني بالتنسيق مع الدولة اللبنانية”.
وأضاف: “لا يمكن أن تبقى المخيمات دون مرجعية أمنية، وإذا وقعت جريمة فردية، فمن حق القوى الأمنية التدخل وتسليم المرتكب للسلطات اللبنانية”، مشيراً إلى أن “هذا التنسيق حاصل فعلياً، وفي أكثر من حادثة تم تسليم المتورطين مباشرة للجهات اللبنانية”.
وأكد الدنان أن “السلاح الفلسطيني في المخيمات وجد للدفاع عن النفس، والوجود الفلسطيني في لبنان هو وجود طارئ فرضته النكبة”، مشددا على “ضرورة إعادة النقاش حول الوجود الفلسطيني ككل، وعدم اختزاله فقط بملف السلاح”.
وقال: “نحن منفتحون على حوار شامل حول الحقوق والواجبات. الفلسطيني يجب أن يحصل على حقوقه الأساسية، من عمل وتملّك، مقابل احترامه للقوانين اللبنانية”.
وعن الوضع الأمني في المخيمات، أوضح أن “الوضع مقبول إجمالاً، باستثناء بعض الخارجين عن القانون”، داعياً إلى دعم الجهود الرامية إلى تشكيل قوة أمنية موحدة، وحماية المخيمات من العصابات الخارجة عن الإجماع الوطني.
وفي ما يتعلق بمستقبل اللاجئين، حذر الدنان من أن “غياب الحقوق وفرص العمل جعل من الهجرة هاجساً يلاحق الشباب الفلسطيني”، معبراً عن رفضه للتوطين، ومطالباً بوضع سياسات تحافظ على استقرار اللاجئين داخل لبنان، وتحمي حقهم بالعودة.
وختم الدنان بالتأكيد على أهمية “استعادة ثقة الناس بالفصائل من خلال خطوات عملية لتحسين الأمن والخدمات، والدعوة إلى حوار داخلي مسؤول”، مضيفاً: “جميعنا شركاء في الدفاع عن أبناء شعبنا وكرامتهم”.