آخر الأخبار

من قلب الألم.. غزة تُرسل نبض التضامن إلى السودان

5-1

في مشهدٍ إنساني عميق يختصر وحدة الألم والمصير، عبّر أهالي قطاع غزة عن تضامنهم مع الشعب السوداني الذي يعاني من أزمة إنسانية متفاقمة جراء الصراع المستمر، وحالة الاقتتال الدامي.

ورغم ما يعيشه القطاع من ويلات الإبادة الجماعية القاسية وآثارها الكارثية، والحصار المتواصل، خرجت أصوات التضامن لتؤكد أن الضمير الحي لا يُقيده واقع الحرب، وأن الشعوب المنكوبة قادرة على احتضان بعضها رغم الجراح.

وعمت مواقع التواصل الاجتماعي في غزة تغريدات التضامن مع الشعب السوداني الشقيق، في ظل ما يتعرض له من جرائم قتل وإبادة وتجويع ممنهج، وسط عزلة وعتمة مقصودة.

منير البرش المدير العام في وزارة الصحة في غزة يقول: دمٌ واحد… ألم واحد: بين غزة والسودان، أهلنا في السودان يعانون مجاعةً ودمارًا لا يطاق. لكن لا أحد يشعر بعمق هذا الألم ويستوعب أبعاده كما أهل غزة، الذين ذاقوا مرارة الإبادة والتطهير والنزوح والجوع حتى العظم.

وشدد على أن ما يحدث في السودان عار على الضمير الإنساني، وصمت العالم وامتنا الإسلامية عنه جريمةٌ لا تغتفر.

وقال: واجبنا الأخلاقي والديني والإنساني أن نقف مع المظلوم أينما كان، وأن نرفع صوتنا عالياً للمطالبة بالعمل العاجل لإنقاذ الأرواح.

كما عبر الناشط محمود زعيتر عن تضامنه مع أهل السودان.

يقول المهندس محمد أبو جراد: أهلُ غزّةَ هم الأشدُّ توجّعاً على أطفالِ السودان، فمَن تجرّع مرارةَ هذا الكأس، وذاق طعمَ الظلم، هو وحدَهُ الأدرى بعمقِ الألم، وأصدقُ مَن يشعرُ بحرقةِ المقهورين.

وأضاف أن كلُّ مشهدٍ يخرجُ من السودان، يُنكئُ جراحَ غزّة التي لم تندمل، ويُعيدُ إلى الذاكرةِ وجعَ الخذلان، ومرارةَ الظلمِ الممتدّ على الأرض ذاتها وإن اختلفت الأسماء.

من قلب المعاناة

وفي إطار متابعة المشهد الإنساني، أجرى مراسلنا مقابلات مع عدد من المواطنين في غزة، الذين عبّروا عن رسائلهم ومشاعرهم تجاه الشعب السوداني.

يقول أبو محمود الكحلوت (45 عاماً) نازح من شمال غزة ويقيم في أحد مراكز الإيواء جنوب القطاع: “نحن نعرف معنى أن تفقد وطنك وأمانك. حين سمعنا بما يحدث في السودان، شعرنا أن جرحنا واحد. لسنا قادرين على تقديم الكثير، لكننا ندعو الله أن يحفظهم، وأن يعيننا جميعاً على هذه المحن”.

أما الشابة نور العمصي،(22 عاماً)، طالبة جامعية فقدت منزلها في القصف الأخير، فقالت: “قد لا نملك ما نقدمه غير الكلمة الطيبة والدعاء، لكننا نقف معهم بقلوبنا. أحلم أن يأتي يوم نتعافى فيه جميعاً، نحن والسودان وكل الشعوب التي تعاني الحروب”.

بدوره عبّر الطفل محمد الفليت (11 عاماً)، من مخيم النصيرات، عن تضامنه قائلاً: “أريد أن أقول لأطفال السودان: نحن نحبكم ونصلي لكم. لا تخافوا… نحن أيضاً خفنا كثيراً، لكن الله معنا ومعكم”.

رسائل بسيطة، لكنها تعكس عمق الفطرة الإنسانية لدى أطفال كبروا على وقع الانفجارات لكنهم لم يفقدوا نور الرحمة في قلوبهم.

وفي تعليقٍ له، قال الدكتور أحمد صافي الدين، أستاذ الإعلام في السودان: “إن تضامن أهل غزة مع السودان ليس موقفاً إعلامياً عابراً، بل تعبير عن وجدان إنساني حقيقي”.

واضاف في تصريح لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام أن غزة المحاصرة والمنكوبة تذكّر العالم بأن الضمير لا يموت تحت القصف. لقد تركت كلماتهم أثراً كبيراً في النفوس، لأنها صادقة ومولودة من المعاناة. هذا التضامن يعكس وحدة المصير، ويثبت أن الأمل يولد دائماً من بين الركام.

رسالة إلى العالم

ويؤكد المراقبون أن ما تقوم به غزة اليوم ليس مجرد تعاطف، بل تجسيد لقيمة أخلاقية أصيلة لدى شعب اعتاد أن يمد يده حتى وهو في أحلك الظروف. إنها رسالة للعالم بأن المأساة لا يجب أن تُقصي أصحابها عن الإنسانية، بل قد تجعلهم أكثر إنصاتاً ومعرفة بمعنى الألم.

 

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة