النشرة
أكدت مصادر فلسطينية لـ”النشرة” أن حركة “حماس” تقود حراكًا سياسيًا واسعا ومع تحالف القوى والفصائل الفلسطينية الأخرى، لبلورة تفاهمات وصولا الى رؤية مشتركة تُبقي على سلاح من زاوية رمزيته للقضية الفلسطينية. بينما تُنهي حركة “فتح” – قوات الأمن الوطني المراحل الأخيرة من تسليم سلاحها الثقيل والمتوسط في المخيمات الفلسطينية.
هذا المشهد كشف حجم الهوّة بين القوتين الرئيسيتين، “فتح” و”حماس”، من جهة، وبين “حماس” وحلفائها مع لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني من جهة ثانية، بعدما اتخذ كل طرف مسارًا مختلفًا في معالجة ملف السلاح. ـ”فتح” التزمت بخارطة طريق أوصلتها إلى مخيم عين الحلوة بما يمثّله من رمزية سياسية، بينما كثّفت “حماس” لقاءاتها السياسية، أولها مع رئيس لجنة الحوار السفير رامز دمشقية بحضور ممثلها في لبنان أحمد عبد الهادي.
ووفقًا للمعلومات، فإن اللقاء خلص إلى اتفاق على عقد اجتماع موسّع يضم التحالف الفلسطيني ومعه الجبهتان الشعبية والديمقراطية وباقي القوى للاستماع منها إلى رؤيتها بشأن السلاح، فيما تجري “حماس” اتصالات ومشاورات لعقد لقاء تشاوري فلسطيني موسع يشارك فيه التحالف، الجبهتان الشعبية والديمقراطية، القوى الإسلامية، أنصار الله، والتيار الإصلاحي للتوافق على الرؤية نفسها من المقاربة.
بالمقابل، كشف اللقاء ذاته عن تباين بين دمشقية الذي شدّد على أن قرار الدولة اللبنانية بحصر السلاح بيدها نهائي ولا رجعة عنه، وأن البحث سيجري في آلية تسليم السلاح وتوقيته، بينما عبّر وفد “حماس” عن عتبه لمقاربة الملف الفلسطيني بطريقة مجتزأة، من خلال حصره بالشق الأمني المتعلق بالسلاح فقط، من دون النظر إليه بشموليته، وتجاهل دور “هيئة العمل المشترك الفلسطيني”، والتصوّر–مسوّدة الاقتراح التي أعدّها “التحالف” لمعالجة ملف السلاح.
ثاني اللقاءات كان داخل “التحالف الفلسطيني”، حيث اتُخذ قرار بالمضي في مواجهة سياسية سلمية، وحشد القوى كافة –من الجبهة الديمقراطية والشعبية إلى القوى الإسلامية (الحركة الإسلامية المجاهدة وعصبة الأنصار) وأنصار الله والتيار الإصلاحي لحركة فتح بقيادة العميد محمود عبد الحميد عيسى “اللينو”– للتوصل إلى رؤية موحّدة تقوم على التصوّر السابق للتحالف.
ومن أبرز النقاط: تنظيم السلاح في المخيمات وليس سحبه أو نزعه، والعمل على ضبط الوضع الأمني وعدم تفلت السلاح والفوضى من قبل جهات أمنية فلسطينية (قوى أمنية مشتركة) بالتنسيق مع الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية. ضبط أمور المخيمات في كافة الجوانب الأمنية والاجتماعية عبر اللجان الشعبية اجتماعيًا بالتنسيق مع الجهات المختصة لبنانيًا، وأمنيًا عبر القوى الأمنية المشتركة الفلسطينية والقوى الأمنية اللبنانية ومخابرات الجيش.
تسليم السلاح
وسط الحراك السياسي، أعلنت حركة “فتح” الانتهاء من المرحلة الأخيرة من تسليم السلاح الثقيل والمتوسط من ثمانية مخيمات في لبنان، بعد أربع مراحل: الأولى في برج البراجنة 21 آب 2025، والثانية في مخيمات جنوب الليطاني: الرشيدية، البص، والبرج الشمالي 28 آب 2025، والثالثة في مخيمات بيروت: برج البراجنة، شاتيلا، ومار إلياس 29 آب 2025، والرابعة من مخيمي البداوي في الشمال وعين الحلوة في مدينة صيدا في 13 أيلول 2025.
وتُعد عملية تسليم السلاح من عين الحلوة خطوة بالغة الأهمية، تحمل دلالات سياسية وأمنية كبيرة، نظرًا لمكانة المخيم التاريخية ورمزيته الاستثنائية. فـ”عين الحلوة” ليست مجرد مخيم للاجئين، بل هو عاصمة الشتات الفلسطيني ومركز القرار السياسي للفلسطينيين في لبنان، تتشابك فيها الألوان السياسية والروابط الاجتماعية في موزاييك معقد ومتعدد الوجوه.
وعبر السنوات، شهد المخيم سلسلة من الاشتباكات المسلحة التي تركت بصماتها على نسيجه الاجتماعي، كان آخرها في عام 2023، بين حركة “فتح” و”الشباب المسلم”، على خلفية اغتيال قائد الأمن الوطني العميد أبو أشرف العرموشي، ليظل “عين الحلوة” شاهدا على صمود اللاجئين الفلسطينيين ومرآة لتحدياتهم المستمرة.
وأوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في قوات الأمن الوطني المقدم عبد الهادي الأسدي، أن عملية التسليم تأتي تنفيذًا للبيان المشترك الصادر عن الرئيسين محمود عباس وجوزيف عون، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية–الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها، معتبرًا أن المبادرة “تعكس عمق الشراكة الفلسطينية–اللبنانية، وتجسّد الحرص المشترك على ترسيخ الأمن والاستقرار وصون العلاقات الأخوية بين الشعبين”.
ويبلغ عدد المخيمات الفلسطينية في لبنان 12 مخيمًا، أصبحت 8 منها خالية من سلاح حركة “فتح” الثقيل والمتوسط بعد التسليم، وهي: برج البراجنة، شاتيلا، مار إلياس في بيروت، إضافةً إلى الرشيدية، البص، والبرج الشمالي في صور، البداوي في الشمال، وعين الحلوة في صيدا، بينما المخيمات الأربعة الباقية وهي: نهر البارد في الشمال، والضبية شرق بيروت، والمية ومية في صيدا، والجليل في البقاع، فهي خالية أصلًا من السلاح الثقيل.
أما خارج المخيمات، فمع سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024، تسلّم الجيش اللبناني المواقع العسكرية التي كانت خاضعة لتنظيمي “القيادة العامة” و”فتح الانتفاضة” على الحدود مع سوريا وصولًا إلى الناعمة، لينتهي بذلك أي وجود للسلاح الفلسطيني خارج المخيمات.