تشهد مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، أزمة تربوية عميقة وغير مسبوقة، تهدد مستقبل أكثر من سبعة آلاف طالب وطالبة حُرموا من التعليم المنتظم بسبب الدمار الذي لحق بمجمعات التعليم والبنية التحتية المدرسية في المخيم عقب الأحداث الأمنية الأخيرة التي شهدها المخيم وما تزال العملية التعليمية مشوشة ومغلقة، فيما يتحمل الطالب الفلسطيني وأهاليهم الاعباء الاكبر نتيجة خطة واضحة لإعادة الإعمار وتأهيل المدارس المتضررة.
مدارس مدمرة وقيود على العودة
يضم مخيم عين الحلوة عشر مدارس رئيسية، أبرزها مدرسة السموع، مدرسة بيسان الثانوية التي تضم نحو 1500 طالب، ومدارس صفد والناقورة، إلا أن عدداً كبيراً منها أصبح خارج الخدمة كلياً بعد أن لحقت بها أضرار جسيمة بسبب الأحداث الأمنية، طالت الأبواب والنوافذ والأرضيات، ما جعلها غير صالحة للتدريس.
ورغم المطالب الملحة بإعادة التأهيل العاجل، تمنع الأونروا حتى الآن دخول الموظفين إلى معظم هذه المدارس، مستندة إلى تقييمات فرق نزع الألغام التي حذرت من مخاطر أمنية داخل بعض الأبنية، وهو ما فاقم معاناة الطلاب والأهالي.
مدرسة مرج بن عامر: نموذج مكلف يؤخر الحل
من بين المدارس المتضررة، تشهد مدرسة مرج بن عامر للبنات أعمال ترميم جزئية، إلا أن الوكالة قررت تحويل المشروع إلى نموذج مدرسي جديد مكلف يتضمن أسواراً زجاجية أو شبكية بهدف “ضمان الأمن ومنع دخول المسلحين”.
غير أن هذه الخطوة، بحسب مصادر تربوية، أخّرت عودة الطلاب إلى صفوفهم وأثارت انتقادات المجلس التربوي الذي دعا إلى صيانة سريعة وبسيطة تسمح باستئناف التعليم بدل الدخول في مشاريع طويلة ومعقدة.
دوام مزدوج واكتظاظ خانق
أما مدارس حطين، الفالوجة، وقِبيَة فقد اضطرت إلى تطبيق نظام الدوام المزدوج لاستيعاب الطلاب الجدد من المدارس المتضررة، ما أدى إلى اكتظاظ الصفوف وتراجع جودة التعليم.
كما تم نقل طلاب مدرسة بيسان الثانوية إلى مدارس خارج المخيم مثل دير القاسي وشهداء صيدا، وهو ما شكّل عبئاً إضافياً على الأسر الفلسطينية من حيث المواصلات والتكاليف اليومية.
معلمون خارج اختصاصهم وتدهور في الجودة
بالاضافة الى ذلك تواجه الطواقم التعليمية تحديات متزايدة مع نقص حاد في الكادر المتخصص، حيث يضطر العديد من المعلمين إلى تدريس مواد خارج مجال اختصاصهم.كما تشهد العملية التعليمية ارتباكاً في توزيع الحصص والتنقل بين الصفوف، ما يزيد من صعوبة إدارة العام الدراسي بشكل فعّال.
فضل: ست مدارس رئيسية متوقفة عن العمل
وفي حديث اجرته شبكة “لاجئ نت” مع مسؤول مكتب اللاجئين في العمل الجماهيري في حركة حماس في لبنان أبو أحمد فضل اشار فيها بأن “مدارس الأونروا في مخيم عين الحلوة تواجه كارثة تربوية حقيقية، إذ إن نحو ست أو سبع مدارس رئيسية متوقفة كلياً عن العمل، فيما يتحمل الطلاب وأسرهم العبء الأكبر لهذه الأزمة”.
أضاف فضل أن “الأونروا لم تتخذ حتى الآن إجراءات واضحة لإعادة الإعمار أو الترميم، وتكتفي بالتبرير الأمني، في وقت يحتاج فيه آلاف الطلاب إلى العودة إلى مقاعدهم فوراً”، مؤكداً أن “استمرار الأزمة بهذا الشكل ينذر بانهيار العملية التعليمية في المخيم”.
مستقبل غامض ومخاوف من ضياع عام دراسي جديد
رغم الاجتماعات المتكررة بين المجلس التربوي في المخيم ووكالة الأونروا، لا يزال موعد استئناف التعليم الطبيعي غير واضح، وسط تصاعد القلق من أن تستمر الأزمة حتى العام الدراسي المقبل، ما يعني ضياع عام دراسي كامل لآلاف الطلاب.
ويرى ناشطون تربويون أن ما يجري في عين الحلوة يشكّل جرس إنذار خطير حول واقع التعليم في المخيمات الفلسطينية في لبنان، ويدعون إلى تحرك عاجل من الأونروا والمجتمع الدولي لإعادة بناء المدارس وضمان حق الأطفال في التعليم الآمن.