نجحت المقاومة الفلسطينية في فرض إرادتها مجددًا على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الصفقة الثالثة من عملية طوفان الأقصى، التي أفرج بموجبها عن عدد من أبرز وأقدم الأسرى الفلسطينيين، بينهم قادة بارزون من الحركة الأسيرة قضوا عقودًا طويلة خلف القضبان.
وتعد هذه الصفقة محطة تاريخية في مسار الصراع، إذ أعادت الأمل لعائلات الأسرى وللشعب الفلسطيني عامة، وأكدت أن إرادة المقاومة قادرة على كسر قيود الاحتلال وإجباره على إطلاق سراح من حاول طمس حضورهم لعقود.
وأكدت كتائب القسام في بيان لها، فشل العدو في استعادة أسراه بالضغط العسكري، رغم تفوقه الاستخباري وفائض القوة التي يملكها، وها هو يخضع ويستعيد أسراه من خلال صفقة تبادلٍ؛ كما وعدت المقاومة منذ البداية.
وفي الصفقة الثالثة، نال 1967 أسيرا الحرية، منهم 192 من المؤبدات و25 من ذوي الأحكام العالية، و16 متوقع حكمهم بالمؤبد، و17 متوقع حكمهم بأحكام عالية.
وضمن المحررين 4 من أبرز قادة حماس، وهم:
القائد القسامي محمود عيسى: ثلاثة مؤبدات و46 عامًا خلف الأسوار
الأسير القائد محمود عيسى (54 عامًا)، من بلدة عناتا شمال شرق القدس المحتلة، أحد أقدم الأسرى الفلسطينيين وأحد مؤسسي العمل العسكري لحركة حماس في مدينة القدس.
اعتقله الاحتلال عام 1993، وحكم عليه بثلاثة مؤبدات و46 عامًا بتهمة قيادة خلية نفذت عملية أسر الجندي الإسرائيلي نسيم توليدانو عام 1992، التي وصفها الاحتلال بأنها أخطر عملية أسر في تاريخه.

قضى عيسى 28 عامًا متواصلة في السجون و13 عامًا منها في العزل الانفرادي، حُرمت خلالها عائلته من زيارته، ويُعرف بأنه من أبرز قادة الحركة الأسيرة، وكاتب ومؤلف أصدر من داخل السجن أعمالًا فكرية وأدبية عدة، منها “حكاية صابر” و”المقاومة بين النظرية والتطبيق”.
ولد محمود عيسى عام 1968، ودرس في كلية الشريعة بجامعة القدس، وعمل قبل اعتقاله مديرًا لمكتب صحيفة “صوت الحرية والحق” داخل أراضي 1948.
نصري عاصي: حُكم بـ18 مؤبدًا
الأسير نصري عاصي (48 عامًا) من بلدة بيت لقيا غرب رام الله، اعتقل في 17 يوليو 2005، بعد نحو شهر ونصف من زفافه، وحُكم عليه بـ18 مؤبدًا و70 عامًا بتهمة الانتماء إلى كتائب القسام والمشاركة في عملية استشهادية.
عاش نصري تجربة قاسية داخل السجون الإسرائيلية، إذ رُزق بمولوده الأول وهو خلف القضبان، ولم يره إلا من خلف الزجاج.

أنهى دراسته الثانوية في الأسر، ويُعد من الأسرى الذين واصلوا التحدي رغم سنوات الحكم الطويلة والعزلة القاسية.
أيمن سدر: ثلاثة عقود من الأسر وصمود في وجه التعذيب والإهمال الطبي
الأسير أيمن عبد المجيد عاشور سدر (57 عامًا) من بلدة أبو ديس شرق القدس، اعتقل في 13 مايو 1995 على حاجز بيت حانون أثناء عودته من غزة، وحُكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة إضافة إلى 25 عامًا.
خضع لتحقيق قاسٍ استمر خمسة أشهر في مركز المسكوبية، وتعرض لتعذيب ممنهج وحرمان طويل من الزيارة. رفض الاحتلال إدراجه ضمن صفقة وفاء الأحرار عام 2011، وأغلق منزله بالباطون المسلح بعد اعتقاله.

يعاني سدر من أمراض مزمنة في الكلى والمفاصل، وأصيب خلال جائحة كورونا بجلطة رئوية حادة نُقل إثرها للعناية المكثفة، دون أن يتلقى الرعاية الطبية اللازمة. يُعرف بدوره التنظيمي والتربوي داخل السجون، ويحظى بتقدير واسع بين رفاقه الأسرى.
درس المرحلة الأساسية في مدارس القدس المحتلة، ودرس المرحلة الثانوية في المعهد العربي في أبو ديس، وحصل على الثانوية العامة من سجون الاحتلال، ونال درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، ودرجة الماجستير في الاقتصاد الإسلامي من قسم الدراسات العليا في كلية الدعوة الجامعة للدراسات الإسلامية في لبنان.
باهر بدر: مطارد سابق وحكم بـ11 مؤبدًا
الأسير باهر محمد بدر (47 عامًا) من بلدة بيت لقيا برام الله، اعتقل في 7 أبريل 2004 بعد مطاردة استمرت سنوات خلال انتفاضة الأقصى.
اتهمه الاحتلال بالانتماء لحركة حماس والمشاركة في التخطيط لعمليات نوعية، أبرزها عملية تسريفين عام 2004، ومقهى هليل في القدس، والمحطة المركزية في تل أبيب.

يقضي بدر حكمًا بالسجن 11 مؤبدًا، وهو من الأسرى الذين شكلوا رموزًا للنضال داخل المعتقلات، لما عُرف عنه من انضباط وتنظيم ودور مؤثر في صفوف الحركة الأسيرة.
تمثل هذه الصفقة إنجازًا سياسيًا وإنسانيًا كبيرًا للمقاومة الفلسطينية، ورسالة واضحة بأن ملف الأسرى سيظل أولوية وطنية حتى تحرير آخر أسير.
كما تؤكد أن عقود السجن والتنكيل لم تكسر إرادة القادة الذين خرجوا اليوم ليواصلوا مسيرة الحرية من جديد.