بعد عامين كاملين من الإبادة الجماعية في غزة، والتي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو نهاية الحرب، في خطوة تعبر عن رضوخه وتراجعه بعد تعنت ورفع أهداف غير واقعية فشل في تحقيقها.
محللان سياسيان أكدا لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام أن إعلان نتنياهو عن نهاية الحرب، والذي جاء بعد وقت قليل من تصريح مثيل للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، كان رضوخا لوقائع وحقائق، لا يجد سبيلا للتهرب منها أو النكوص عنها.
صمود المقاومة والشعب
محمد أبو قمر -الكاتب والمحلل السياسي- أكد أن نتنياهو مرغم على هذا التصريح، وهو الذي لم يحقق أهداف حربه، رغم المقتلة، والدمار الهائل الذي حدث في غزة.
وشدد قمر أن هذا الإعلان يأتي رضوخا أمام صمود وثبات المقاومة الفلسطينية، ومن خلفها الشعب الفلسطيني.
كما جاء هذا الإعلان،، وفق قمر، تحت ضغط دولي وإقليمي غير مسبوق، مؤكدا أن الإعلان لم يكن نتيجة انتصار ميداني أو تحقيق أهداف إسرائيلية استراتيجية، بل جاء بعد حملة ضغط عالمية، شملت تصريحات الرئيس الأمريكي، والتحركات المكثفة للدول العربية والإسلامية، بهدف إنهاء الحرب ووقف المجازر التي شهدتها غزة على مدى العامين الماضيين.
الضغط الدولي والإقليمي على إسرائيل
وجاء هذا الإعلان كذلك، نتاج ضغط دولي هائل، وقال قمر إن كل المؤشرات السياسية والإنسانية الكارثية في غزة أجبرت نتنياهو على قبول وقف الحرب.
وأوضح قائلاً: “حديث نتنياهو بعد تصريحات ترامب عن نهاية الحرب كان إعلانًا مرغَمًا، العالم أجمع على ضرورة وقف الحرب، والضغط الدولي بدأ منذ جلسة ترمب مع زعماء الدول العربية والإسلامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، مرورًا بالحركة المكوكية لخطة ترمب، والحضور المصري والقطري والتركي، وانضمام فصائل فلسطينية إلى وفد حماس”.
الفشل العسكري الإسرائيلي
وأوضح أبو قمر أن إسرائيل لم تحقق أهدافها العسكرية المعلنة، رغم الحملة الشاملة ضد غزة، وقال: “الكل أجمع على إنهاء الحرب لأن نتنياهو استنفد كل الوقت المطلوب للقضاء على حماس وتحقيق أهدافه، ولكنه لم يفعل. حجم الإبادة في غزة أجبر المجتمع الدولي على التحرك، وشهدنا تدخل بريطانيا وفرنسا، ومظاهرات عالمية تضغط على إسرائيل لوقف الإبادة”.
وأضاف أن تصريح ترامب بنهاية الحرب، وتصريح نتنياهو من بعده، أعطى الضوء الأخضر لإكمال الخطة الإقليمية دون العودة إلى الحرب، قائلا: حضور 20 زعيماً في قمة شرم الشيخ للتوقيع رسمياً على نهاية الحرب لا يدع لنتنياهو مجالاً للعودة إلى الحرب، وإن فعل فهو سيواجه إرادة العالم بأسره.
التبعات السياسية داخل إسرائيل
من جانبه قال المحلل والكاتب السياسي أحمد أبو زهري: “الإعلان عن انتهاء الحرب لا يعني انهيار غزة أو استسلام المقاومة، الشعب الفلسطيني والمقاومة لا يزالان حاضرين، ولم تنكسر عزيمتهما رغم الدمار الهائل الذي أصاب القطاع”.
وأضاف أن غزة ما زالت تواجه تحديات إنسانية ضخمة، بينما المقاومة تواصل فرض نفسها سياسيًا وميدانيًا، لتثبت أنها طرف لا يمكن تجاهله في أي تسوية مستقبلية.
الكاتب محمد أبو قمر توقع أن تؤدي نهاية الحرب إلى تبعات في الداخل الإسرائيلي، من احتمالية تفكك الحكومة الإسرائيلية، واندلاع احتجاجات على خلفية الفشل في الحرب وأحداث السابع من أكتوبر، وتشكيل لجان تحقيق رسمية قد تودي بجملة استقالات في الهرم السياسي والأمني والعسكري في إسرائيل.
وقال: قد يذهب نتنياهو لإرضاء شركاؤه في اليمن الصهيوني خصوصاً بن غفير وسموتريتش، من خلال تعزيز الاستيطان والضم في الضفة الغربية، تعويضاً عما جرى في غزة.
كما توقع أن يذهب ترمب لإطلاق اتفاقيات جديدة للتطبيع بين الكيان الإسرائيلي -بقيادة نتنياهو أو من دونه-، ودول في المنطقة.
المعركة مستمرة على الأرض
رغم انتهاء الحرب، الواقع الاستراتيجي يظهر أن إسرائيل لم تحقق أهدافها العسكرية، بينما المقاومة بقيت صامدة، محافظة على قدرتها على التأثير الميداني والسياسي.
ويتفق المحللان أبو زهري وأبو قمر أن إعلان نتنياهو بنهاية الحرب لا ينبع من كونه انتصاراً عسكرياً لإسرائيل، وأن غزة والمقاومة لا تزالان قوة حية على الأرض، قادرة على تحدي أي محاولة للضغط أو الإخضاع، مما يجعل المشهد الفلسطيني والإقليمي مفتوحاً على كل السيناريوهات بعيداً عن عودة الحرب.
وأكد أبو زهري أن الحرب انتهت قولا وفعلا، ونتنياهو مرغَم على إعلانها بعد فشله في تحقيق أهدافه، لكن غزة والمقاومة لم تسقطا.
غزة والمقاومة حية
وتابع أبو زهري: كل محاولة إسرائيلية لكسر إرادة الشعب الفلسطيني فشلت، والمقاومة أثبتت أنها صامدة، وأن إرادة الفلسطينيين أقوى من أي قوة عسكرية”.
وأكد أن من يظن أن انتهاء الحرب يعني استسلام المقاومة فهو مخطئ تمامًا، الواقع على الأرض يثبت أن غزة حيّة والمقاومة مستمرة.
وأشار إلى أن الإعلان السياسي لا يغيّر المعادلة: الشعب الفلسطيني ومقاومته لا يزالان قوة حية قادرة على تحدي أي ضغوط، ورفض الانكسار سيكون دائمًا جزءًا من ثوابتها الوطنية.