حاورته: سارة درويش
شكل التجمع الارشيفي في فلسطين، مبادرة لحفظ الوثائق الفلسطينية التاريخية وحمايتها من مخططات الاحتلال الاسرائيلي الهادف لطمس التاريخ الحضاري للشعب الفلسطيني، وحرصا على صيانة وترميم هذه الوثائق من التلف والتمزق.
وتأتي أهمية إطلاق التجمع الارشيفي في مرحلة تتعرض فيها القضية الفلسطينية لمخاطر التصفية والمصادرة، وتزوير التاريخ خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة.
لتسليط الضوء على تأسيس وبدايات وعمل التجمع، التقينا الأستاذ عمر الخطيب، المؤسس والمنسق العام للتجمع الارشيفي – فلسطين وأجرينا معه هذا الحوار:
+ كيف كانت البدايات لتأسيس التجمع الارشيفي/ فلسطين؟
بادرنا لتأسيس التجمع الارشيفي في الشهر الثامن من العام 2023 عبر تشكيل ائتلاف ارشيفي ضم عددا من المؤسسات الفلسطينية المستدامة، يعمل على نشر الثقافة الارشيفية، معرفة وتوطين المعايير الارشيفية كأدوات رئيسية في حفظ وتوثيق الهوية والذاكرة التاريخية والمجتمعية، اضافة الى إسناد وتعزيز جودة ومخرجات العمل المؤسسي .
وقد تطور وتوسع التجمع لاحقا واتخذ بعدا عربيا بانضمام مؤسسات ومختصين فلسطينيين تمثل مختلف انحاء فلسطين التاريخية والشتات. الى جانب نخبة مميزة من الخبراء والمختصين العرب من عشرة اقطار عربية، حيث يمثل عددا منهم التجمع الارشيفي في بلدانهم.
كما يحظى التجمع بعلاقات وثيقة مع أبرز الهيئات الدولية المعنية في العمل الارشيفي وعلى راسها المجلس الدولي للارشيف الذي احتضن في مطلع العام 2025 مجموعة الارشيف الفلسطيني في المجلس الدولي للارشيف والمكونة بمعظمها من اعضاء التجمع الارشيفي من فلسطين و الاقطار العربية الشريكة و دول اجنبية اخرى.
+ ما هي اهداف التجمع وهل هو تجمع ربحي تجاري ام طوعي لا يتوخى الربح؟
التجمع الارشيفي هو منصة معرفية ثقافية علمية تقنية محايدة وغير ربحية. تُعنى في التنمية الأرشيفية والنهوض بالقطاع الأرشيفي، قائمة على جهود تطوعية فلسطينة وعربية ودولية.
الهدف العام: المساهمة في النهوض وتعزيز القطاع الارشيفي والتوثيقي في فلسطين والمنطقة العربية. أما الاهداف الفرعية:
1. المساهمة في حفظ وحماية وترويج الذاكرة والهوية المجتمعية الوطنية.
2. دعم مبدأ الشفافية والعدالة المعرفية في الحق في الوصول إلى المعلومات وإتاحتها.
3. المساهمة في توطين وتطبيق الممارسات المثلى في رقمنة وتوثيق الأرصدة والممتلكات الأرشيفية وتوثيق التراث المجتمعي والوطني.
4. المساهمة في إسناد العمل المؤسسي الرسمي والمجتمعي من خلال تطوير وتعزيز عمل الارشيفات في المراحل المختلفة، سواء الجارية (الادارية) ، او التاريخية.
5. نشر التوعية المجتمعية والرسمية حول أهمية إدارة التراث الوثائقي والأرصدة الأرشيفية وفق معايير الجودة الأرشيفية.
6. تكريس التعاون والشراكات والتكامل بين القطاعات الأهلية والحكومية والخاصة.
7. بناء وتطوير قدرات الكوادر والطواقم الأرشيفية المؤسسية والفردية.
+ هل يمكن اعتبار التجمع الارشيفي منبر وطني من منابر النضال الفلسطيني في مواجهة السردية الصهيونية التي تعمل على تهويد الارض الفلسطينية وتهجير شعب فلسطين؟
= بالطبع، فالهدف الاستراتيجي والمحوري من تشكيل واقامة التجمع، هو اثبات الهوية والوجود الفلسطيني. تثبيت وتعزيز ونشر السردية الحقيقية لأصحاب الأرض والتي تشهد عدوانا شرسا في هذه الاثناء أكثر من أي وقت مضى، فهذه السردية التي تعرضت للتلاعب والنهب ومحاولات التغييب المستمرة منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين تمهيدا لتسليم فلسطين للحركة الصهيونية، لازالت تخضع لمحاولات الطمس والتدمير كما نشهد اليوم من تدمير واتلاف لعشرات الاف من المقتنيات والارصدة الارشيفية النادرة والثمينة في قطاع غزة، واختفاء أضعافها في مناطق أخرى في فلسطين.
+هل للتجمع الارشيفي اي ارتباط او بعد سياسي او تنظيمي مع الفصائل. الفلسطينية؟
= لا، لا يرتبط التجمع الأرشيفي الفلسطيني بأي جهة سياسية أو تنظيمية أو فصائلية، لأن ذلك يتعارض مع مبادئه ومنطلقاته الأساسية التي تقوم على الحياد المعرفي والتقني، فالتجمع ليس كيانا سياديا أو سياسيا، بل هو منصة علمية وثقافية تعنى بحفظ الهوية والتراث الفلسطيني، بعيدا عن أي انحياز أو تأثير حزبي.
ويرتكز عمل التجمع على المهنية والموضوعية، ويدار بروح التعاون بين مؤسسات وأفراد من خلفيات متنوعة، دون تبعية لأي جهة سياسية. كما أن التجمع منفتح على التوسع العربي، في حال رغبة الأعضاء من الأقطار العربية بذلك، ويتم اتخاذ مثل هذه القرارات بشكل جماعي وعلى مستوى التجمع نفسه، بما يضمن الحفاظ على استقلاليته وحياده.
+ ما هي ابرز العراقيل التي تواجهه عملية جمع الارشيف الفلسطيني وهل هذه العراقيل والعقبات تواجه التجمع الارشيفي ايضا؟
= لا شك بأن هناك عراقيل كثيرة تواجه المهتمين بجمع وصيانة الارشيف الفلسطيني وأبرز هذه العراقيل أن الوعي المجتمعي في اهمية الحفاظ على الارشيفات ضعيفا، مما ينعكس على الاولويات المجتمعية في هذا المجال.
ثانيا، عقلية ترسخ النمط الاقصائي والانغلاق أو الاحتكار لدى بعض الجهات الفلسطينية المرتبطة بتمويلات معينة.
ثالثا، الظروف الحالية الطارئة والتي تنعكس في محدودية عمل واولويات بعض المؤسسات التي ترزح تحت ضغوط العجز المالي والمخاطر الامنية و السياسية والتي تستنزف طاقاتها على حساب الاهتمام في حماية الهوية والتراث و تعزيز العمل المؤسسي.
رابعا، صعوبة تجنيد ووصول الدعم الاساسي لهذا القطاع لاسباب سياسية وأجندات تحظر أي دعم لفلسطين في هذا المجال، الذي هو محور الصراع الحالي، رغم تشدقها الاعلامي المكشوف، بالادعاء التزامها في حماية التراث الانساني. فوجود فرص التمويل المشروط تتطلب التضحية في أرصدة ومواد نادرة وبالغة الاهمية مقابل دعم مالي سخيف من بعض الجهات الدولية والخارجية، ولهذا يرفض التجمع الارشيفي التعاطي معها رغم تهافت بعض المؤسسات الاخرى على ذلك الدعم.