محمد دهشة
وسط اهتمام سياسي وشعبي، أنجزت حركة “فتح” المرحلة الأولى من انتخاب قيادة إقليم لبنان، حيث انتخبت قيادة المناطق الست على مدى ثلاثة أيام متتالية، على أن تتوج بانتخاب قيادة الإقليم الـ 15 يوم الأحد المقبل في سفارة دولة فلسطين في بيروت بمشاركة الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني نجله ياسر محمود عباس.
هذه الانتخابات تأتي استكمالًا للتغييرات الدبلوماسية والعسكرية والإدارية التي أعادت ترتيب البيت “الفتحاوي” الداخلي على الساحة اللبنانية بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، في أعقاب تسليم سلاحها من المخيمات في إطار الاتفاق بين الرئيسين محمود عباس وجوزاف عون في 21 أيار الماضي.
وأبلغت مصادر فتحاوية “نداء الوطن” أن انتخابات المناطق الست جرت على ثلاث مراحل وشملت كل منطقتين معًا: الأولى الجمعة في 10 تشرين الأول الجاري في البقاع والشمال، والثانية السبت 11 منه في صيدا وبيروت، والثالثة في 12 منه في صور وعمّار بن ياسر.
ووفقًا لمصادر فلسطينية، فإن هذه الانتخابات حملت أكثر من رسالة في الرغبة في التغيير وضخ دماء جديدة في القيادة التنظيمية للحركة لتحاكي المرحلة المقبلة بعد التطورات السياسية والعسكرية، بدءًا من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، مرورًا بلبنان، وصولًا إلى سقوط النظام السوري، وجاءت بمثابة رد وتوضيح لمواقف “فتح” من سلسلة من الملفات الساخنة التي تهم الوجود الفلسطيني في لبنان والمخيمات والسلاح والعلاقة مع “حماس” وباقي القوى الأخرى.
ففي مؤتمر منطقة البقاع، أكد أمين سر الإقليم حسين فياض أن الشعب الفلسطيني يمرّ بمرحلة صعبة مليئة بالتحديات، لكنها تحمل في طياتها الأمل بالعودة بعد سبعة وسبعين عامًا من اللجوء. وأشاد بلبنان الذي شارك الفلسطينيين لقمة العيش والاحترام، وعبّر عن عمق العلاقة بين الشعبين، قائلًا إن شجر الأرز سيُزرع في جبال القدس رمزًا لهذه الأخوة. كما أشار إلى قرب تحقيق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة، مثمنًا زيارة الرئيس عباس إلى لبنان وما حملته من مواقف داعمة، أبرزها رفض التوطين والتهجير، والتأكيد على حق الفلسطينيين في العيش بكرامة والعمل والتملّك.
وفي مؤتمر منطقة بيروت، تناول عضو قيادة إقليم حركة “فتح” في لبنان أبو إياد الشعلان الحديث عن السلاح الذي وصفه بأنه غير شرعي، وشدّد على أن هذا السلاح مزّق الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية للشعب الفلسطيني، ونسف ما راكمته السلطة الوطنية الفلسطينية على مدار سنوات، مطالبًا بإنهاء منطق الميليشيات والالتزام بمنطق الدولة ومؤسساتها، ومؤكدًا ضرورة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وفي طليعتها دولة لبنان الشقيق، التي يكنّ لها الفلسطينيون كل الاحترام، ويلتزمون بقراراتها ومؤسساتها، كما ورد في البيان المشترك الصادر عن الرئاستين اللبنانية والفلسطينية.
وأكد الشعلان أن حركة “فتح” تدرك تمامًا أن طريقها ليس مفروشًا بالورود، وأنها ستتعرض لحملات تشكيك، غير أن ذلك لم يمنعها من مواصلة مسار التجديد، وها هي اليوم، تجدد نفسها عبر انتخابات داخلية تمهّد لمواصلة طريق النضال من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، تحت مظلة الشرعية الفلسطينية لا السلاح غير الشرعي.
وفي مؤتمر منطقة صيدا، أوضح عضو قيادة إقليم حركة “فتح” في لبنان نزيه شما أن هذا المؤتمر يأتي امتدادًا لتوجيهات القيادة الوطنية برئاسة سيادة الرئيس محمود عباس، الهادفة إلى إعادة ترتيب البيت الفتحاوي في لبنان على أسسٍ تنظيميةٍ متينة تواكب المتغيرات الكبرى في المنطقة. وأشار إلى التزام كوادر الحركة بقرارات القيادة وثقتهم بنهجها الرامي إلى صون حقوق أبناء شعبنا في المخيمات وتحسين ظروفهم المعيشية، داعيًا إلى الوحدة ورصّ الصفوف في وجه كل محاولات العبث بأمن المخيمات واستقرارها.
وفي مؤتمر منطقة الشمال، أكد عضو قيادة حركة “فتح” إقليم لبنان يوسف الأسعد أن انعقاد المؤتمر في ظل الظروف الدقيقة التي تمرّ بها القضية الفلسطينية يعكس إرادة الصمود والتجدد لدى الحركة. وقال: “هذا المؤتمر يشكّل فرصة لتعزيز الديمقراطية الداخلية وتوحيد الصفوف واستنهاض الطاقات الشابة والكوادر المخلصة لمواصلة المسيرة حتى تحقيق أهدافنا الوطنية”.
وسيُشرف على الانتخابات مفوض الإقاليم الخارجية للحركة، سفير فلسطين في سوريا الدكتور سمير الرفاعي، الذي كان قد التقى أعضاء الإقليم الشهر الماضي وأبلغهم بقرار حله وبضرورة إجراء انتخابات جديدة خلال شهر تشرين الأول الجاري، وفق تعليمات الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن”.
وتتشكل قيادة إقليم لبنان من: حسين فياض أمينًا للسر، سرحان يوسف نائبًا لأمين السر، علي خليفة، زينة عبد الصمد، آمال شهابي، زهرة فياض، موسى النمر، نزيه شما، رياض أبو العينين، أكرم الصالح، أبو إياد شعلان، يوسف زمزم، يوسف الأسعد، حسن الناطور، ومحمود سعيد.