ع دخول وقف إطلاق النار في غزة، عاد صوت الشوارع ليكون أكثر هدوءاً، لكن هذا الهدوء محمّل بالدمار والخوف من المستقبل.
بين الركام والمنازل المهدمة، يطرح الناس سؤالاً واحداً، بسيط في عبارته لكنه ثقيل على القلوب: “شو صار بداركم؟”، سؤال يحمل بين حروفه قصص آلاف العائلات التي فقدت مأواها، وممتلكاتها، وأحلامها، وتركت في خيام لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.
في أحياء غزة، حيث تحطمت الجدران وتكسرت النوافذ، تتجول العائلات بين الركام، تبحث عن آثار حياتهم السابقة.
أصوات الأطفال تخفت وسط الغبار، والنساء يحملن العبء الأكبر، يحاولن حماية ما تبقى من أسرار بيوتهن وذكرياتهن، كل زاوية من هذه المدينة المحطمة تحكي قصة صمود أو فقدان، وكل شارع يحمل صدى سؤال واحد: “شو صار بداركم؟”
المواطنون يتبادلون الأخبار، يسألون بعضهم البعض عن أحوال المنازل، عن الجيران، عن الأهل.
بعضهم يجيب بمرارة: منزلي دُمّر بالكامل، وبعضهم الآخر يرى أنه نجا بأعجوبة، لكن الضرر جزئي، في كل حالة، هناك ألم مشترك، وفقدان للاحساس بالأمان، وقلق عميق حول المستقبل.
النساء والأطفال وذوو الاحتياجات الخاصة هم الأكثر تأثراً، المنازل المدمرة تركتهم بلا مأوى، وبدون كهرباء أو مياه صالحة للشرب.
المدارس والمراكز الصحية تضررت بشكل كبير، مما زاد من صعوبة الحياة اليومية. ومع ذلك، يظهر السكان قدراتهم على الصمود، يتعاونون، يتبادلون المساعدة، ويبحثون عن أي طريقة لإعادة الحياة إلى مسارها الطبيعي، حتى لو كان ذلك وسط الخراب.
المنظمات الإنسانية المحلية والدولية أعلنت استعدادها للتدخل لتقديم الدعم الطارئ، بتوزيع المواد الغذائية والمياه والملابس والخيام.
المتطوعون ينقّبون بين الأنقاض بحثاً عن من يمكن إنقاذه، ويقدّمون الدعم النفسي للعائلات التي فقدت كل شيء، ومع ذلك، يبقى السؤال الأبرز يتردد في كل مكان: “شو صار بداركم؟”، يردد صدى الألم، ويذكّر بأن الأزمة لم تنته مع وقف القصف.
السؤال ذاته ليس مجرد استفسار عن الممتلكات، بل رمز للترابط الاجتماعي والإنساني، من خلاله، يتبادل السكان الأخبار عن جيرانهم وأصدقائهم، ويطمئنون على أحبائهم، ويبحثون عن علامات أمل وسط الدمار. هو تعبير عن الألم، عن فقدان الأمان، وعن الرغبة العميقة في استعادة حياة طبيعية.
ومع توقف الحرب، تواجه غزة مرحلة صعبة من إعادة البناء، لكن الطريق طويل ومحفوف بالتحديات. السؤال المتكرر: “شو صار بداركم؟” يعكس ليس فقط حجم الدمار المادي، بل أيضاً الأثر النفسي العميق الذي ترته الحرب.