آخر الأخبار

ترحيب فلسطيني بتقرير ألبانيز: يكشف التواطؤ الدولي مع إبادة غزة

2226949975

أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيز، في إحاطة قدمتها أمام اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية (اللجنة الثالثة) للأمم المتحدة، المنعقدة بمقر المنظمة في نيويورك يوم الثلاثاء على عدد من النقاط والخطوات التي يجب أن تتخذها الدول حول العالم لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وقالت في هذا السياق “يجب على الدول تأمين وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيلي كامل من كل شبر من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتفكيك المستوطنات”.

وأضافت ألبانيز “كما يجب تعليق جميع العلاقات العسكرية والتجارية والدبلوماسية مع إسرائيل حتى توقف جرائم الإبادة الجماعية والاحتلال غير الشرعي ونظام الفصل العنصري الذي تمارسه”. وشددت على ضرورة “التحقيق مع جميع الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي خلال هذه الإبادة الجماعية، وإذا لزم الأمر، تقديمهم للمحاكمة”. وحذرت من أنه “إذا ظل مجلس الأمن مشلولاً، فيجب أن تتخذ هذه الجمعية إجراءات بموجب قرار الاتحاد من أجل السلام بطرق أكثر حزماً مما كانت عليه حتى الآن”.

من جانبها رحبت فلسطين بالتقرير الصادر عن ألبانيز، وقالت إنه “يكشف التواطؤ الدولي” في ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في غزة. وأوضحت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أن التقرير الذي حمل عنوان “إبادة غزة: جريمة جماعية” يُعد “في غاية الأهمية لما يتضمنه من حقائق وبيانات تعكس واقع الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المستمرة والموثقة قانونيًا”.

وعبرت ألبانيز عن أسفها الشديد لعدم تمكنها من تقديم تقريرها السنوي أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، المعنية بحقوق الإنسان، بشكل شخصي في نيويورك (بل عن بعد عبر تقنية الفيديو) بسبب العقوبات الأميركية عليها مما حال دون قدومها إلى الولايات المتحدة. وأضافت أن ذلك جاء “بسبب العقوبات غير القانونية والتعسفية التي فرضتها عليّ الولايات المتحدة الأميركية لقيامي بواجبي كمقررة خاصة”. وتابعت “كان ينبغي على هذه الجمعية أن تتصدى لهذه السابقة الخطيرة. إن هذه الإجراءات تمثل اعتداءً على الأمم المتحدة نفسها، على استقلاليتها ونزاهتها وجوهرها. وإذا لم يتم التصدي لها، فسوف تُشكل ضربة قاصمة أخرى للنظام متعدد الأطراف.”

وتحدثت المقررة الخاصة من جنوب أفريقيا حيث تتواجد حالياً في زيارة رسمية. وقالت “يحمل المكان الذي أتحدث منه رمزية عميقة: جنوب أفريقيا، التي يذكّرنا تاريخها بأن الحرية لا تتجزأ: فالقيود المفروضة على فرد هي قيود على الجميع. وبينما نجتمع (في نيويورك)، لا تزال غزة تحت الحصار والتجويع والدمار. أكثر من 240 ألف قتيل وجريح، وآلاف المفقودين مدفونون تحت الأنقاض أو مختفون في سجون الاحتلال الإسرائيلي”. وأشارت إلى عودة جثامين الأسرى الفلسطينيين وعليها آثار التعذيب والانتهاك.

التوسع الاستيطاني
وتوقفت المقررة الخاصة في إحاطتها كذلك عند الوضع في الضفة الغربية، قائلة “يتصاعد التوسع الاستيطاني الاستعماري. تشن القوات الإسرائيلية غارات وتعتقل وتقتل، بينما يقوم المستوطنون المتطرفون بإحراق القرى واقتلاع الأشجار والاستيلاء على المزيد من الأراضي، في سلسلة متواصلة من الاعتداءات الوحشية. يوضح تقريري بجلاء أن هذه الفظائع ليست مجرد حالات شاذة، بل هي تتويج لعقود من الفشل الأخلاقي والسياسي ضمن نظام عالمي استعماري راسخ، تدعمه منظومة عالمية من التواطؤ.”

وتابعت ألبانيز “من خلال الإجراءات غير القانونية والإغفال المتعمد، قامت العديد من الدول بتسليح وتمويل وحماية نظام الفصل العنصري العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما سمح لمشروعها الاستيطاني الاستعماري بالتحول إلى إبادة جماعية – وهي الجريمة القصوى ضد السكان الأصليين في فلسطين.”

كيف تمكنت إسرائيل من الاستمرار بانتهاكاتها؟
وطرحت المسؤولة الأممية أربع نقاط رأت أنها ساعدت إسرائيل على الاستمرار في ممارساتها وانتهاكاتها. وأول تلك المجالات يتعلق بحسب المقررة الخاصة بالدبلوماسية. وشرحت “لقد استُخدمت المحافل الدبلوماسية، التي من المفترض أن تصون السلام، لتبرير هذه الإبادة الجماعية ودعمها، من خلال تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وإضفاء الشرعية على ادعاء إسرائيل الكاذب بأنها تتصرف دفاعاً عن النفس، واستخدام حق النقض ضد قرارات وقف إطلاق النار، وتقويض العدالة الدولية”. ولفتت إلى أن الأطراف “التي تجرأت على معارضتها، مثل جنوب أفريقيا وفلسطين ونيكاراغوا والنرويج أمام محكمة العدل الدولية، أو أولئك الذين تعاملوا مع المحكمة الجنائية الدولية، تعرضوا لضغوط شديدة.”

وحول اعتراف العديد من البلدان بالدولة الفلسطينية، بما فيها دول غربية بارزة كفرنسا والمملكة المتحدة قالت ألبانيز “إن الاعتراف المتأخر بفلسطين لا معنى له إذا فشلت الدول في منع محوها. إن وصف وقف إطلاق النار بأنه خطة سلام مع السماح باستمرار الاحتلال والقتل ليس دبلوماسية؛ بل هو ازدواجية في المعايير (…) تجرد الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم من خلال فرض شروط جائرة وغير قانونية عليهم.”

أما العامل الثاني بحسب ألبانيز فيتعلق “بالعلاقات العسكرية. فقد ساهمت الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتدريبات المشتركة في تغذية آلة الإبادة الجماعية”، مضيفة “تواصل عشرات الدول الأخرى تجارة الأسلحة وأجهزة المراقبة التي تم اختبارها ميدانياً على الفلسطينيين. وبذلك، عرّض صانعو القرار أنفسهم للمساءلة المحتملة مستقبلاً أمام المحاكم الوطنية والدولية.”

أما المجال الثالث فيتعلق بالتجارة. وأشارت هنا إلى استمرار “التجارة مع إسرائيل، بل وتزايدها. فبين عامي 2022 و2024، بلغت الصادرات الإسرائيلية 474 مليار دولار، مما يمول اقتصادها الحربي بشكل مباشر. وبينما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا فور غزوها لأوكرانيا، إلا أنه لا يزال الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل حتى بعد مرور عامين على ارتكابها جرائم الإبادة الجماعية، بما في ذلك من خلال السلع ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. يجب تعليق هذه التجارة فوراً، إلى جانب الاتفاقيات التجارية والعسكرية التي أبرمتها عشرات الدول مع إسرائيل.”

ولفتت المسؤولة الأممية إلى أن المجال الرابع يتعلق “باستخدام المساعدات كسلاح. تمكنت إسرائيل من حصار غزة بشكل غير قانوني دون رادع إلى حد كبير. وتم التغاضي عن الهجمات على وكالة الأونروا، العمود الفقري، للاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في المنطقة، وفي بعض الأحيان تم الترويج لتلك الهجمات”. وحول اللجنة الأميركية الإسرائيلية “لتوزيع المساعدات” قالت ألبانيز “لقد حوّلت ما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية توزيع المساعدات إلى ساحات قتل لآلاف الفلسطينيين الجائعين العزل. يجب محاسبة هذه المؤسسة البشعة والمسؤولين عنها. القانون الدولي واضح: لا يجوز لأي دولة تقديم المساعدة أو الدعم لدولة ترتكب جرائم دولية. هذا ليس مجرد اقتراح أو عمل خيري، بل هو التزام أساسي، وبمخالفته تخاطر الدول بالتورط في هذه الجرائم.”

الحياة في غزة ما بعد الإبادة الجماعية، 25 أكتوبر 2025 (Ge

مندوب إسرائيل يتهم ألبانيز بـ”السحر”
وبعد تقديم إحاطتها أمام اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة اتهم المندوب الإسرائيلي للأمم المتحدة، داني دانون، خلال مداخلته المسؤولة الأممية بـ”السحر” بالإضافة إلى قيامه بهجمات شخصية ضدها. وانتقد رئيس اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لاحقا، المندوب الإسرائيلي، على تصريحاته مطالباً إياه الالتزام بالمهنية وعدم القيام بهجمات شخصية.

وفي أعقاب ردها على الهجوم الشخصي للسفير الإسرائيلي عليها، قالت ألبانيز “إنه لأمر غريب ومثير للسخرية، وبصراحة ضرب من الجنون، أن دولة ترتكب إبادة جماعية لا تستطيع الرد على جوهر النتائج التي توصلت إليها، وأقصى ما يلجأ إليه هو اتهامي بالسحر”.

وأردفت “أنت المتهم بالإبادة الجماعية، وإذا كان أسوأ ما يمكنك اتهامي به هو السحر، فأنا أتقبله. ولكن كونوا على ثقة أنه لو كانت لدي القدرة على إلقاء التعويذات، لما استخدمتها للانتقام. بل كنت سأستخدمها لوقف جرائمكم نهائيًا، ولضمان أن ينتهي المطاف بالمسؤولين خلف القضبان. وسأضمن أن يعيش الجميع من النهر إلى البحر، اليهود والمسلمون والمسيحيون والعلمانيون، في حرية ويتمتعون بحقوقهم، لا أن تكون مجرد امتياز للقلة، مرة أخرى، بين النهر والبحر.”

شارك على :

واتس أب
فيسبوك
تويتر
تيليغرام
لينكد إن
بين تريست
الأيميل
طباعة